تشهد الساحة اللبنانية ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، حيث سجّل مؤشر أسعار الاستهلاك ارتفاعًا شهريًّا بنسبة 0.28% في شهر حزيران 2024 مقارنةً بزيادة بلغت نسبتها 0.02% في شهر أيار. وعلى صعيد سنوي، وصل التضخم إلى 41.78% مع نهاية شهر حزيران 2024، مقارنةً بـ 4.54% في حزيران من العام السابق. يرجع هذا الارتفاع الكبير في الأسعار إلى عدة عوامل مترابطة، بما في ذلك تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، وزيادة تكاليف الإنتاج المحلي، وتكاليف الاستيراد العالمية، بالإضافة إلى احتكار التجار للسلع.
رئيس تجمع الشركات اللبنانية: الأسباب والتداعيات
في مقابلة مع الدكتور باسم البواب، رئيس تجمع الشركات اللبنانية، أوضح أنّ الزيادة الكبيرة في الأسعار تعود إلى عدة أسباب. أولها هو ارتفاع الكلفة في لبنان بشكل كبير، مثل كلفة الإيجارات والنقليات والمحروقات والكهرباء، بالإضافة إلى ارتفاع أجور الموظفين بالدولار. هذه العوامل انعكست على أسعار السلع والمنتجات بشكل كبير. كما أشار إلى تأثير حرب غزة التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع عالميًا، بدءًا بالمواد الأولية وصولًا إلى النفط.
وأوضح البواب أن ارتفاع كلفة الشحن إلى لبنان، خاصة من الشرق الأقصى، حيث يستورد لبنان نحو 70% من مستورداته، ساهم في زيادة الأسعار بنحو 30 إلى 40%. وأضاف أن هذه التكاليف المتزايدة أثرت بشكل سلبي على المبيعات، خاصة في الكماليات، بسبب غلاء الأسعار والخوف من الحرب، ما أدى إلى تراجع المبيعات بنحو 20 إلى 30% حتى الآن مقارنة بالعام الماضي، مسببًا خسائر هائلة للشركات والتجار.
رئيس جمعية حماية المستهلك: النقد والسياسات الاقتصادية
أما الدكتور زهير برّو، رئيس جمعية حماية المستهلك، فأكد لـ”النشرة” من جانبه، أن سعر صرف الدولار مستقر منذ أكثر من 10 أشهر، ومع ذلك تستمر الأسعار في الارتفاع. وأوضح أن ما يحدث هو استلحاق لما قبل الانهيار في العام 2019، حيث لم تتغير السياسات الاقتصادية في لبنان بالرغم من الأزمة.
وأشار برّو إلى أن أكثر من 90% من الاستهلاك اللبناني يُستورَد من الخارج، ما يؤدي إلى إنفاق العملات الصعبة وزيادة أسعار السلع بسبب احتكار طبقة التجار للسوق وسيطرتهم عليها، بالتعاون مع المصارف. وأضاف أن لبنان كان أغلى بلد في المنطقة قبل الأزمة، بسبب قلة الإنتاج والاحتكارات التي تسيطر على السوق باتفاقات سياسية والمحاصصة.
وأوضح برّو أن الحلول تكمن في تغيير النمط الاقتصادي وحل المشكلات المالية والاقتصادية، ووضع حد لاحتكار التجار للأسواق، وإعادة الودائع لأصحابها لتحسين القدرة الشرائية. ومع ذلك، يرى برّو أن هذه الحلول ليست متوفرة اليوم، مشيرًا إلى أن القرار السياسي منذ بداية أزمة 2019 كان “اللا حل”، ما أدى إلى استمرار الأزمة دون طرح أي حلول تعيد الاستقرار للسوق.