تتابع الاقتصادات الصاعدة والنامية رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية بقلق بالغ، فمعظمها يواجه تباطؤا في وتيرة التعافي أكبر مما تواجه الاقتصادات المتقدمة بسبب مخلفات الوباء والأزمة في أوكرانيا.
وما يُخشى حدوثه الآن هو أن تتكرر نوبة الاضطراب التي وقعت في العام 2013، حين أدت مؤشرات مبكرة للتراجع عن عمليات شراء السندات الأميركية إلى اندفاع تدفقات رأس المال إلى خارج الأسواق الناشئة.
وأقر الاحتياطي الأميركي في وقت مبكر الخميس رفع معدلات الفائدة بربع نقطة مئوية لتصبح عند 0.5 في المئة وذلك في أول زيادة منذ شهر ديسمبر 2018.
وكان قد أشار قبل عدة أسابيع إلى رغبته في رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع وأكثر قوة مما كان متوقعا لاحتواء التضخم المتسارع في الولايات المتحدة الذي يثقل كاهل الأسر ويؤثر على الاستهلاك، محرك النمو الأميركي.
وقالت “لجنة السوق المفتوح الفيدرالية” التي تحدد السياسات النقدية إن تداعيات الحرب في أوكرانيا ستتسبب “على الأرجح بضغط يؤدي إلى ازدياد التضخم ويؤثر على النشاط الاقتصادي”، رغم أن “انعكاسات ذلك على الاقتصاد الأميركي غير مؤكدة إلى حد بعيد”.
وبينما أشارت إلى تضخّم “مرتفع” نظرا إلى “عدم التوازن في الإمداد والطلب المرتبط بالجائحة وارتفاع أسعار الطاقة والضغوط الأوسع على الأسعار”، فإن “زيادات متواصلة” في المعدل ستكون “مناسبة”.
وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أنه رغم عودة التضخم إلى المستهدف بنحو اثنين في المئة سيستغرق وقتا أطول من المتوقع، إلا أن الاقتصاد الأميركي في وضع جيد وقادر على الصمود أمام رفع معدل الفائدة.
وأشار إلى أنه يتوقع بأن يحقق نموا نسبته 2.8 في المئة العام الجاري، أي أقل من التوقعات السابقة.
وخفض الاحتياطي معدل الفائدة إلى صفر في مارس 2020 لدعم الاقتصاد بينما أحدث كوفيد اضطرابات واسعة في الأعمال التجارية، لكن الاقتصاد تعرّض خلال العام الماضي إلى موجة زيادات في الأسعار ووصل التضخم إلى أعلى مستوى منذ 40 عاما.
ويتوقع محللون من بينهم بنك غولدمان ساكس زيادة معدلات الفائدة سبع مرات هذا العام، ليصل المعدل إلى 1.75 في المئة على فرض أن المركزي الأميركي سيرفع المعدل بربع نقطة في كل اجتماع.
ويعني ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية زيادة في تكاليف إعادة تمويل ديون عدد من البلدان الناشئة المستحقة بالدولار، بيد أن هذه البلدان متخلفة أيضا عن ركب الانتعاش الاقتصادي وبالتالي فهي أقل قدرة على تحمل هذه التكاليف الإضافية.
ويقول صندوق النقد الدولي إنه بينما ظلت تكاليف الاقتراض بالدولار منخفضة بالنسبة إلى الكثيرين، فإن المخاوف بشأن التضخم المحلي ستدفع العديد من الأسواق الناشئة، بما في ذلك البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا والصين، إلى رفع أسعار الفائدة لمواكبة هذا الوضع.
وكان خبراء الصندوق قد أكدوا في مدونة نشروها في يناير الماضي أنه يتعين على الاقتصادات الناشئة الاستعداد “لفترات من الاضطراب الاقتصادي” مع قيام الفيدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة وتباطؤ النمو العالمي.
وأشاروا إلى أن احتمال بروز زيادات متسارعة في أسعار الفائدة الأميركية في عام 2022 قد يؤدي إلى “زعزعة الأسواق المالية وتشديد الشروط المالية عالميا”.
وتتمثل المخاطر بشكل أساسي في حدوث تباطؤ في الطلب والتجارة في الولايات المتحدة بالإضافة إلى تسرب رأس المال وانخفاض قيمة العملة في الأسواق الناشئة.
ونقلت وكالة رويترز عن سوانستون قوله في مذكرة بحثية إن “نزوح الأموال من الأسواق الخليجية سيضع ضغوطا نزولية على عملات دول المنطقة”.
ولئن كانت دول الخليج أكثر سرعة في التعامل مع الخطوة الأميركية، إلا أن البنك المركزي التركي أبقى سعر الفائدة عند 14 في المئة وذلك للشهر الرابع على التوالي رغم أن التضخم تجاوز نحو 50 في المئة مؤخرا.
ويرى المحللون في وكالة بلومبرغ أنه حتى الآن ظل اليوان الصيني مرنا بدعم ارتفاع الصادرات وتدفقات المستثمرين الأجانب وهذا يوفر دعما للعملات الناشئة الأخرى.