البنوك المركزية في اختبار السيطرة على أسعار المنازل

يستحضر صانعو السياسات النقدية في بنوك مركزية الأزمة المالية العالمية في 2008 أثناء البحث عن إيجاد حل لمشكلة ارتفاع أسعار المنازل، وهي معضلة تبدو في طليعة الأولويات، حيث يناقشون إبطاء مشتريات الأصول وحتى رفع أسعار الفائدة. وبينما يبدو سحب التحفيز ببطء شديد قد يؤدي إلى المخاطرة بتضخيم العقارات وتفاقم مخاوف الاستقرار المالي على المدى الطويل يرى خبراء أن التراجع بشدة يعني زعزعة الأسواق ودفع أسعار العقارات للانخفاض ما يهدد الانتعاش الاقتصادي من الجائحة.

ويلتقي محافظو البنوك المركزية في نيوزيلندا وكندا وكوريا الجنوبية في وقت لاحق هذا الأسبوع لوضع سياسة مرنة تتسق مع ارتفاع أسعار المساكن بهدف الابتعاد عن دائرة انفجار فقاعة عقارية محتملة. وتأتي الخطوة في حين يشير مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذين يفضلون تقليص برنامج شراء السندات المدعومة بالرهن العقاري، والتي قد تزيد الطلب على الإسكان في سوق ساخنة بالفعل، إلى ارتفاع أسعار كأحد أسباب القيام بذلك.

ووفقًا لتصنيف بلومبيرغ إيكونوميكس، يتصارع صانعو السياسة في نيوزيلندا مع سوق العقارات الأكثر سخونة في العالم، فقد حصل البنك المركزي الذي يجتمع الأربعاء المقبل على أداة أخرى لمعالجة المشكلة وتوضح توقعاته لسعر النقد الرسمي أنه سيبدأ في الارتفاع في النصف الثاني من عام 2022.

وفي مواجهة انتقادات لدوره في تأجيج أسعار المساكن، كان البنك المركزي الكندي من بين أوائل البنوك من الاقتصادات المتقدمة التي تحولت إلى سياسة أقل توسعية، مع جولة أخرى من التناقص التدريجي المتوقعة في قرار بشأن سياسته هذا الأسبوع. وحذر البنك المركزي الكوري الجنوبي الشهر الماضي من أن العقارات “مبالغ فيها بشكل كبير” وأنّ عبء سداد ديون الأسر يتزايد، لكن تفشي الوباء قد يكون مصدر قلق أكثر إلحاحًا في اجتماع مجلس إدارة البنك الخميس المقبل.

وفي أكبر إعادة تفكير استراتيجية منذ إنشاء اليورو، رفع البنك المركزي الأوروبي هذا الشهر هدف التضخم الخاص به. وفي إشارة لضغوط الإسكان سيبدأ المسؤولون بالنظر في تكاليف الإسكان المشغول بملكية في مقاييسهم التكميلية للتضخم. ونسبت وكالة بلومبرغ إلى موما، الذي يعمل كخبير اقتصادي في معهد ميزوهو للأبحاث قوله إن “السياسة النقدية أداة فظة”. وأضاف “إذا تم استخدامه لبعض الأغراض المحددة مثل تقييد أنشطة سوق الإسكان، فقد يؤدي ذلك إلى مشاكل أخرى مثل المبالغة في التعافي الاقتصادي”. لكن عدم التصرف يحمل معه مخاطر أخرى، إذ يُظهر التحليل الذي أجرته بلومبيرغ إيكونوميكس أن أسواق الإسكان تُظهر بالفعل تحذيرات على غرار الفقاعة العقارية في 2008، مما أثار التحذيرات من الاختلالات المالية وتعميق عدم المساواة.

وتُصنف نيوزيلندا وكندا والسويد على أنها أسواق الإسكان الأكثر عرضة للمخاطر كما أن بريطانيا والولايات المتحدة أيضًا بالقرب من قمة تصنيفات المخاطر، استنادا إلى مؤشرات وكالة بلومبرغ، التي تركز على الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. أما الاحتمال الآخر هو أن أسعار المساكن تصل إلى قمة طبيعية. فمثلا، انخفضت الأسعار في بريطانيا لأول مرة منذ 5 أشهر في يونيو الماضي، في إشارة إلى أن السوق ربما تكون قد فقدت الزخم إذ كان من المقرر أن ينتهي الحافز الضريبي.

في المقابل، لا توجد علامة على ذلك في الولايات المتحدة إذ لا يزال الطلب قوياً رغم ارتفاع الأسعار القياسي، فقد زادت مبيعات المنازل في جميع مناطق البلاد في مايو الماضي مع تسجيل الشمال الشرقي والغرب أكبر المكاسب. وأوضح أنه إذا كانت أسعار المساكن ترتفع بسبب التحول في العرض مقابل الطلب، الذي أحدثه الوباء بسبب المزيد من العمل عن بعد والأشخاص الذين يريدون مساحة أكبر، فقد لا يؤدي ذلك لحدوث أزمة بنفس الطريقة التي حدثت بها طفرات الإسكان السابقة. وقال “قد تنشأ المشاكل بشكل أكبر، مع خروج الشباب بأسعار أعلى من سلم العقارات”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةتفاؤل حذر بتعافي الاقتصاد العالمي قبل نهاية 2021
المقالة القادمةحب الله: ما يسمى بالدعم للدواء تحول لعملية تدمير ممنهجة