أدت الطفرة التي شهدتها أسعار المنازل على مستوى العالم على مدى عدة سنوات والتي فشل حتى الوباء في إيقافها، إلى إجبار البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على مواجهة سؤال معقد، وهو ما الذي يجب أن تفعله حيال الأمر؟
وغالبا ما تنظر الحكومات إلى الارتفاع المفاجئ في قيمة العقارات من أستراليا إلى السويد على أنه يخلق ثروة. لكن التاريخ يُظهر أيضا مخاطر عدم استقرار الفقاعات والتكلفة الاجتماعية الباهظة حيث يجد الملايين أنه لا يمكنهم تحمل نفقات شراء منزل.
والمفارقة هي أنه في حين أن الأموال الرخيصة الناتجة عن أسعار الفائدة المنخفضة أو السلبية قد أدت إلى ارتفاع الأسعار، فإنها بالكاد تظهر في حسابات البنوك المركزية للتضخم، وهو أحد المحركات الرئيسية لسياستها النقدية.
وفي حين يتم تخصيص أرقام متفاوتة لتكاليف الإسكان، سواء تكاليف الإيجار أو إصلاح المنازل، في مؤشرات التضخم، والتي تتراوح من 40 في المئة وزيادة في الولايات المتحدة إلى 6.5 في المئة في منطقة اليورو، فإن أسعار المنازل نفسها يتم استبعادها من هذه العملية الحسابية. ومع ارتفاع أسعار العقارات بشكل ملحوظ، يقول الكثيرون إنهم لا يستطيعون تحمل نفقات شراء منزل.
وارتفعت أسعار العقارات السكنية على مستوى العالم بنسبة 60 في المئة في السنوات العشر الماضية، وفقا لمؤشر “نايت فرانك”. وفي العام 2020 وحتى عندما تسبب فايروس كورونا في خنق الاقتصاد العالمي، قفزت الأسعار مرة أخرى بمعدل 5.6 في المئة، بينما قفزت الأسعار بمعدلات تتراوح بين 20 في المئة و30 في المئة في بعض الأسواق.
وفي الوقت الحالي، تشمل مقاييس التضخم التي يستخدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان ونيوزيلندا وأستراليا ما يسمّى بتكاليف المالك – المستأجر. لكن المقياس الذي يستخدمه بنك إنجلترا لا يفعل ذلك، كما أنه لم يتم وضعه في الحسبان في مقياس التضخم الرئيسي الذي يستخدمه البنك المركزي الأوروبي.
وأراد البنك المركزي الأوروبي إدراجها، لكن جمع البيانات في الوقت المناسب من 19 دولة واختلاف مستويات ملكية المنازل عبر الكتلة سيعقدان المهمة.وبشكل حاسم، يعتقد الاقتصاديون أن تضمين هذه التكاليف قد يرفع التضخم في منطقة اليورو بمقدار 0.2 إلى 0.3 نقطة مئوية، مما يجعل البنك المركزي الأوروبي أقرب إلى هدف التضخم المراوغ الذي يقترب من 2 في المئة.
وإضافة أسعار العقارات إلى مؤشر أسعار المستهلكين في الوقت الذي يستيقظ فيه التضخم الخامل لفترة طويلة أخيرا يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع القراءات، مما يؤدي بدوره إلى زيادة الضغط على البنوك المركزية لتشديد السياسة حتى في الوقت الذي تعالج فيه الاقتصادات تداعيات الوباء.