“لن يرضى المحققون الأوروبيون بأقل مما لدى هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال من معلومات متعلقة بقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا وآخرين”… هذا ما أكده مصدر مصرفي واسع الاطلاع ومتابع لمجريات عمل المحققين الأوروبيين في بيروت منذ الأسبوع الماضي حتى أمس الجمعة، مشيراً إلى أن “تلك المعلومات أساسية لكشف جزء أساسي من التحويلات المالية المحتملة من رجا إلى شقيقه الحاكم، وإلا فإن بين الأثمان الفادحة امكان التضييق الأوروبي والعالمي على مصارف لبنان وتحويلات اللبنانيين!”.
ما القصة؟ إنها قصة كشوفات قدمتها عدة مصارف لبنانية إلى تلك الهيئة، ولم تقدمها للتحقيق اللبناني الذي قاده القاضي جان طنوس السنة الماضية. آنذاك طلب طنوس من الحاكم كشوف الحسابات المفتوحة لدى مصرف لبنان باسم رياض سلامة (لوحده او مع أطراف آخرين) من تاريخ الأول من كانون الثاني 1994 ولغاية الأول من تشرين الأول 2021. فرد عليه سلامة بأن “ذلك يتطلب رفع السرية المصرفية، ولهيئة التحقيق الخاصة، بعد اجراء التدقيق والتحليل اللازمين، الحق الحصري في تقرير رفع السرية المصرفية لمصلحة المراجع القضائية المختصة”. وأضاف رد الحاكم الذي اطلعت عليه “نداء الوطن”: “أحلت الطلب الى هيئة التحقيق، ولن أشارك في حضور جلساتها عندما تعقد، عملاً بمبدأ تفادي تضارب المصالح”. أي أن نائبه المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم يرأس الجلسات… لذا، غني عن القول إن الكشوفات لم تسلّم.
بالعودة الى المحققين الأوروبيين الذي أنهوا أمس الجولة الأولى من الاستماع الى شهود في القضية، فإنهم يريدون انهاء تركيب الـ Puzzle بتأكيد أن التحويلات من رجا مالك شركة “فوري” الى شقيقه الحاكم، تثبت ان عقد “فوري” الخاص بتسويق أوراق مالية تصدرها الدولة والبنك المركزي هو عقد “للتربح والإختلاس والإثراء غير المشروع، نتجت عنه عمولات بنحو 326 مليون دولار وجدت طرقها إلى أوروبا وقارات أخرى، لشراء عقارات وحيازة أصول وملكيات ومساهمات تعود لرياض سلامة نفسه، وأن في الأمر تبييض أموال”.
أما لماذا يمكن أن تتأثر المصارف اللبنانية وتحويلات اللبنانيين من لبنان وإليه، والكلام للمصدر المصرفي المتابع، “فلأن رئيس هيئة التحقيق الخاصة المعني بمكافحة تبييض الاموال هو نفسه مشتبه بالتبييض. وبالتالي فإن كل ماضي وحاضر ومستقبل عمله على رأس تلك الهيئة مشكوك فيه من ألفه الى يائه، ويشمل ذلك الرقابة على التحويلات المصرفية بشتى أشكالها وأحجامها”. وختم قائلاً: “اذا لم تتعاون تلك الهيئة كما يجب، وإذا لم تمارس كل المصارف المعنية الشفافية التي مارسها بعضها أمام المحققين، فإن النظام المالي اللبناني برمته محل شبهة… مع ما يعني ذلك من تضييق وتشديد في التعامل معه أوروبياً وربما عالمياً أيضاً”.