لا يعلّق الخبراء الماليون والإقتصاديون الآمال الكبيرة على النتيجة التي سيخرج بها فريق عمل شركة Alvarez & Marsal، لأنه لن يتبين للمحقّق آلية صرف الأموال ومن حصل على شحنة المازوت على سبيل المثال المستوردة، بل فقط سيقتصر عمله على التأكد من أن الأموال التي خرجت مطابقة للأوراق والفواتير.
فأبرز ما يجب التوصّل اليه في التدقيق الجنائي بحسب الخبراء الماليين، هو تبيان حسابات المصرف المركزي وودائع المصارف وقيمتها وقيمة الهندسات المالية التي جرت وعلى اي أساس تمّ احتسابها. فحتى التحويلات الخارجية لن يتمّ كشفها كونها لا تتم عبر مصرف لبنان. أما الحسابات التي تسلّم الى الوزارات فهي موجودة، لكن يجب اكتشاف كيف تمّ صرف وهدر تلك الأموال في الوزارات، هل وفق القاعدة الإثني عشرية للموازنة أو وفق التحويلات؟ الأمر الذي لن يحصل.
ويعتبر المستشار المالي والإقتصادي غسان شمّاس خلال حوار مع “نداء الوطن” حول نتائج التدقيق وتداعياته على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أن “التدقيق الجنائي من حيث المبدأ موضوع داخلي، وصندوق النقد الدولي يمكنه الإعتماد على نتائجه لدفع الحكومة باتجاه ضرورة القيام بالإصلاحات فقط”، مؤكّداً في هذا السياق على أنه “لا توجد تداعيات مباشرة للتدقيق على المفاوضات مع صندوق النقد، اذ أنه لا علاقة لنتائج التدقيق الجنائي بالبدء بالمفاوضات، فالأخيرة بدأت اصلاً، والمفاوضات مشروطة بعرض الدولة اللبنانية للمعضلات التي لديها”.
بدوره رأى الخبير الإقتصادي والمالي مايك عازار خلال حديث مع “نداء الوطن” أن “كل المؤشرات تدلّ على أنه، لا نتيجة فعلية من هذا التدقيق الجنائي المالي الذي يحصل على مصرف لبنان. فالبنك المركزي يرسل المعلومات او الأوراق المطلوبة من شركة التدقيق الى وزارة المالية التي بدورها ترسلها الى فريق عمل شركة “الفاريز ومارسال”، الذي لديه مكتب في وزارة المالية حيث تتمّ دراسة الملف. وفضلاً عن ذلك إن من يدير العملية هو وزير المالية وكان مسؤولاً في مصرف لبنان وبالتالي تنطبق عليه مقولة تضارب المصالح”.
أوضح رئيس منظمة “جوستيسيا” للإنماء وحقوق الإنسان المحامي د. بول مرقص لـ”نداء الوطن” أن “التدقيق الجنائيّ يذهب إلى أبعد من التدقيق المعروف بالمستندات والأرقام، وهو مسار يستمرّ لأشهر، ويصل إلى محاولة اكتشاف عمليات الغش والتزوير واختلاس الأموال العامة في حال حصولها، وذلك يكون عادةً تمهيداً لتكوين ملف قضائيّ جزائيّ، خلافاً للتدقيق المالي العادي الذي يسعى إلى مطابقة الإدارة المالية مع المعايير المحاسبيّة”.
وأضاف: “الأهمّ قانونياً، أنّ التدقيق الجنائيّ يعني التدقيق التشريحي، أي إجراء تدقيق محاسبي يقوم على دراسة البيانات وذلك من خلال تحليل خلفيتها ومدى انطباقها على المبادئ القانونية، بينما يسعى التدقيق المحاسبي العادي إلى التحقّق من الأسس الظاهرة للقيود من دون البحث في خلفيتها”.
وقال “إنّ عملية الإصلاح لا تقتصر فقط على عملية التدقيق الجنائي، وبالتالي يجب ألا يتم الربط بين التدقيق بحسابات المصرف المركزي وبين الإصلاح ككلّ، كما أنه لا يمكن حصر التدقيق في المصرف المركزي، بل عليه أن يشمل جميع الحسابات المشكو منها، سواء في مؤسسة كهرباء لبنان أم في الوزارات…” اذاً لغاية اليوم اقتصار التدقيق الجنائي على مصرف لبنان غير كاف بحدّ ذاته، وليؤتي ثماره يجب ان يطاول سائر الإدارات الحكومية والوزارات كي يخرج بالنتيجة المرجوة، الأمر الذي لم يتمّ اعتماده بعد.