التنقيب والترسيم.. تحدّيان بارزان أمام الحكومة الجديدة!

ورشة عمل كبيرة ومُضنِية في انتظار الحكومة المقبلة… ورشة على امتداد الجبهات السياسية والقضائية والديبلوماسية والأمنية والمالية والمصرفية والاقتصادية والاجتماعية… فالسُبحة طويلة ودقيقة تحلّلت بفعل أعوام من التخبّط والفوضى وغياب الخطط … وانعدام التوافق داخل التركيبة السياسية.

وما القطاع الاقتصادي بكل مكوّناته سوى واحد من الملفات الرئيسية والمُلحّة التي تستعجل تشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام وبغطاء دستوري من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، لا سيما ملف الاستكشاف والتنقيب عن النفط الذي واجه على مدى سنوات عقبات كثيرة ومطبّات سياسية وأمنية حالت دون إتمامه في المسار المرجو… فهل سيلقى النصيب الحَسَن من العهد الجديد حيث الآمال معقودة على استتباب الأمن وتمتين أسس النزاهة والشفافية في سياسات الدولة على اختلافها؟!

“العمل كثير والوقت داهِم…” تقول خبيرة النفط والغاز في منطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان، مُشيرة عبر “المركزية” إلى أن “القيادة الجديدة برئاسة رئيس الجمهورية جوزاف عون والرئيس المكلّف نوّاف سلام، توحي بالثقة لما نسمعه من أصداء إيجابية ولا سيما من الدول الغربية والأوروبية بما يدلّ على وجود ثقة بالقيادة الجديدة التي من المأمول منها أن تبادر إلى القيام بالإصلاحات المطلوبة وتحقيق النهوض الذي نريد في مفاصل الدولة ومؤسساتها وفي الوضعَين الاقتصادي والاجتماعي”، وتُلفت إلى أن “هذه الثقة التي كانت مفقودة هي عامل أساس لجذب الاستثمارات وتشجيع الشركات العالمية إلى العمل في لبنان”.

أما في ما يخصّ ملف الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، فهو على موعد مع استحقاق إقفال جولة التراخيص الثالثة في نهاية آذار 2025، وهنا ترى هايتايان أن “انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة إذا ما تم في وقت قريب، قد يشكّلان بادرة إيجابية تدفع ببعض الشركات العالمية إلى التفكير في المشاركة في هذه الجولة وبالتالي الاستثمار في قطاع النفط والغاز اللبناني”، وتقول “في حال أن هذه الشركات لم تتمكّن من المشاركة قبل تاريخ نهاية آذار، فقد تنجح في ذلك عند تمديد مهلة الجولة الثالثة ستة أشهر إضافية في حال حصل ذلك، ليترافق مع انطلاقة الحكومة الجديدة ووجود وزير طاقة جديد يتابع هذا الملف عن كثب.

ترسيم الحدود البحرية…

في المقلب الآخر، لا تغفل هايتايان الإشارة إلى “ورشة ترسيم الحدود البحرية إن كان مع قبرص أو مع سوريا، “وهنا يجب أن يأخذ هذا الملف حيّزاً واسعاً من اهتمام رئيسَيّ الجمهورية والحكومة والوزراء في المرحلة المقبلة حيث يُفترَض أن تكون الحكومة على أتمّ الجهوزية لإتمام ملف الترسيم المذكور”.

وتتوقّع أن “تكون مفاوضات الترسيم مع قبرص بوتيرة أسرع مما هي مع الإدارة الجديدة في سوريا التي ستأخذ سنوات لتنظيم مؤسساتها الدستورية كما سبق وأعلنت… لكن الجدير ذكره أنه طالما الإدارة السورية الجديدة ستبدأ بترسيم الحدود البحرية مع تركيا فهذا يعني أنها قادرة أيضاً على المباشرة بترسيم الحدود البحرية مع لبنان”.

وتقول “يبقى على شركة “توتال إنرجي” إظهار نواياها اتجاه ملف التنقيب في المياه اللبنانية، كون الكونسورتيوم الوحيد المولج بالبلوك النفطي الرقم 9 يضمّ “توتال”، “إيني” و”قطر للطاقة“… وهنا تسأل “هل ستخلق التغيّرات السياسية على الساحة الداخلية، حماسة لدى أعضاء هذا الكونسورتيوم للقيام باستكشافات جديدة؟ على أمل أن تسعى وزارة الطاقة إلى تحفيز الشركات على القيام بذلك”.

إنها أولويات وزارة الطاقة للمرحلة المقبلة… فهل ستُثبت كفاءتها في إنجاح مشروع الاستكشاف والتنقيب عن الغاز والنفط، وتحقيق “الحلم اللبناني” خصوصاً أن الوضع السياسي الراهن بات يشكّل الإطار السليم للوصول بهذا الملف إلى خواتيمه السعيدة…؟ أما في حال طرأت حرب إسرائيلية جديدة على لبنان لا سمح الله، عندها تُخلَط الأوراق وتترتّب الأولويات وفق الظروف.

مصدرالمركزية - ميريام بلعة
المادة السابقةلهذه الاسباب لن يتراجع سعر صرف الدولار قريبا
المقالة القادمةمصرف لبنان مستمر في تثبيت سعر الصرف رغم المؤشرات الإيجابية