يجمع العلماء على ان الماء اهم ناقل للأمراض الوبائية والجراثيم والفيروسات والطفيليات، واستخدام المياه الملوثة وغير الصحية يؤدي الى الإصابة بعلل متعددة، ووفيات تفوق ملايين الأشخاص سنويا في العالم. وبحسب تقارير للأمم المتحدة كشفت ان 80% من جملة الامراض في الدول النامية او الفقيرة تعود الى تلوث المياه، و50% من سكان هذه البلدان يعانون من أدْوَاء مرتبطة بنظافة المياه. بحيث ان الاسهال وحده يقضي على ملايين الأطفال كل عام، كما ان 40% من أنواع الأسماك التي تعيش في المياه العذبة في طريقها الى الانقراض نتيجة التلطخ.
هكذا يتم تلوث المياه
في الحقيقة، يؤكد الخبراء في هذا المجال، ان التدنيس ناتج من المخلفات الإنسانية، النباتية او الكيميائية التي تُلقى في المسطحات المائية من محيطات وبحار وبحيرات وانهار. كما تتلــطخ المياه الجوفية بسبب تسرّب مياه المجاري ومياه التصريف اليها بما تحتويه من ميكروبات ومركبات كيميائية.
على خطٍ موازٍ، ان استهلاك المياه الملوثة جرثوميا يشكل تهديدا خطرا على الصحة العامة. والأبحاث اثبتت ان مياه الصرف الصحي غير المعالجة تشتمل على ميكروبات عديدة خصوصا المسببة لأمراض التيفوئيد والباراتيفوئيد والكوليرا والنزلات المعوية. ويتراوح عدد الميكروبات الممرضة في المياه قبل تعقيمها من 10 – 7 خلية ميكروبية في كل سنتيمتر مكعب مياه.
المحاصيل خالية من الملوثات
في سياق متصل، أكد رئيس «تجمع مزارعي البقاع» إبراهيم الترشيشي لـ «الديار» ان «المزروعات البقاعية تحديدا يتم ريها بمياه نظيفة وعذبة مئة في المئة»، مشيرا الى «ان الفلاحين يعتمدون على سحب المياه من الآبار الارتوازية التي يتراوح عمقها ما بين 250 الى 400 مترا».
الغلال تخضع للفحوصات المخبريّة
وأوضح «لكي نتمكن من تصدير بضاعتنا الى الخارج يجب اخضاعها الى كل أنواع الفحوصات، بحيث تمر بأكثر من مختبر لبناني وكل عينة من العينات تظهر على حدى»، مؤكدا «ان حتى اللحظة لا توجد شائبة واحدة تدل على وجود ترسبات او تلوث». وتابع جازماً «فليطمئن المواطنون، وانصح كل من يشكك في سلامة المنتوجات الزراعية بالتوجه الى المختبرات التي تُجري التجارب والاختبارات والقياسات العلمية الغذائية والتحليلات المبنيّة على الدقة والأمانة والاهم الحقيقة والوضوح في النتائج».
وكشف لـ «الديار» ان «عينات من النباتات تخضع للمعاينة يوما بيوم في كل من الفنار، مصلحة الأبحاث، رياق، تل العمارة وفي كفرشيما والمختبرات تعمل بشكل يومي وتكون النتائج متتالية وجميعها نظيفة».
وقال: «صحيح ان الأرض تحتاج الى الري في مثل هذه الأيام لكن المياه متوافرة و70% من المزارعين استبدلوا المحروقات بالطاقة الشمسية لسحب المياه وهذا مشروع ناجح وانصح الجميع باعتماد هذه الطريقة لاستخراج المياه عوضا عن كهرباء الدولة والمولدات الخاصة»، لافتا «الى ان المواطن يدفع رسوما للدولة عن ساعة بلا كهرباء، وهذا أكبر ظلم يتعرض له المزارع كونه يسدد فاتورة من دون ان يحصل على التيّار».
واشار «الى ان كل مزارع بات يزرع ارضه على مقدار مياهه، ونهر الليطاني سُلب منا وحُوّل لمجرى للصرف الصحي مع العلم انه كان مخصصا لري الأراضي الزراعية، لذا ممنوع منعا باتا على المزارع ان ينتفع منه اليوم كونه ملوثاً»، مؤكدا «ان من يلجأ الى استخدام مياه مشبوهة يتم اتلاف غلاله بالكامل ويتعرض للتوقيف والسجن. والقوى الأمنية بالمرصاد لأي فلاح يستعمل مياها غير نظيفة كما ان المدعي العام الاستئنافي في منطقة البقاع الأوسط، الشمالي والجنوبي يترقب أي محاولة من هذا القبيل»، مشددا على «ان لبنان يتميز بمياه اقل ملوحة في منطقة الشرق الأوسط وهذه نعمة كبيرة».
موجات الحر تغيّر فيزيولوجية النبات
بالموازاة، ان ارتفاع درجات الحرارة يؤثر في فسيولوجية النبات ويــسرّع من نضــج الثمار، بحيث ان المحاصيل الزراعية تكون في حالة منهــكة، لان الصدمات الحرارية تؤدي الى ارتباك لعــمليات امتصــاص العناصر والبناء الضوئي بسبب زيادة التــبخر وتشــوّش أكبر في افراز الهرمونات النباتية، مما يضاعف من افراز هرمون «الايثلين» وهو عبارة عن غاز يتكون بسبب التفاعلات البيولوجية في النبات يؤدي الى تغييرات في النمو واستجابات فيزيولوجية محددة للمزروعات بسبب اختلال مفاجئ في الشحنات الخاصة بعمليات الارتشاف.
ثمار تنضج قبل اوانها
على مقلب حراري متصل، أكد الترشيشي «ان ارتفاع درجات الحرارة على حين غِرّة سيُسرّع من نضج المحاصيل الزراعية، وسيؤدي الى انخفاض الكميات المعروضة في الأسواق وأرباك الأسعار او يحدث العكس أي ان الإنتاج يكون وفيراً». وقال: «القيظ الشديد الذي يتعرض له لبنان ودرجات الحرارة المرتفعة على مدى حوالى ست ساعات يوميا منذ 15 يوما، من المحتمل ان تطول هذه الفترة الاستثنائية».
ولفت «الى ان لبنان لم يتأثر بموجة الحر الراهنة وحده وانما العالم اجمع الذي يعيش التقلبات المناخية لكن بلدنا كان الأقل تأثرا بهذه العوامل الطبيعية»، مضيفا «النبتة تنمو في هذه الظروف بعجل وتعطي انتاجا، يجب ان يكون بعد شهر فتنضج الثمار قبل اوانها، وهذا سيجعلنا مع مرور الايام نفقد منتوجات كثيرة نحن بأمس الحاجة اليها».
وأشار «الى ان سعر الخس اليوم مرتفع جدا لتأثره بموجة الحرّ الامر الذي أدى الى نضجه في غير وقته، يتبعه الخيار والبندورة والقرنبيط والملفوف الى جانب البقوليات والخضراوات، النعناع والبقدونس. هذه الأنواع ستدفع ثمن ارتفاع الحرارة بنضجها قبل الأوان، ولكن قسما من المزارعين سيعاود زراعة هذه الأصناف لمرة ثانية، الا ان سعرها في السوق سيكون مضاعفا».
واشار الى «ان كميات من العنب، التفاح، البطاطا والبصل يتم تخزينها او تصديرها والمهم جنيها قبل ان تخرب وعلى المزارع ان يحميها ويقيها من لهيب الحر الموجود في السهل».