تركت الحرب الدائرة في جنوب لبنان منذ 8 تشرين الأول الماضي أثرها على قطاع الدواجن، عدد كبير من مزارع الدواجن في القرى الحدودية إمّا دمّر، أو تضرّر أو مات الدجاج داخله، ما انعكس على السوق المحلية. 10 في المئة من حاجة السوق تغطيها هذه المزارع، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار الدواجن أخيراً، بعدما كان كيلو الدجاج يباع في المزرعة بدولار و90 سنتاً ارتفع الى دولارين و30 سنتاً، نتيجة الطلب الكبير والعرض القليل.
تنتج مزارع الجنوب نحو مليوني طير كل شهرين، في عيترون 15 مزرعة تنتج قرابة 130 ألف طير، في حين تنتج الخيام 600 ألف طير، بيت ليف 200 ألف ويصل إنتاج مزارع الوزاني وحدها إلى قرابة 800 ألف طير. الحرب قضت على هذه الكمية من الدواجن، ما أحدث نقصاً في السوق المحلية، حيث كانت مزارع الجنوب تغطي مناطق صور وصيدا والنبطية وصولاً حتى الشمال.
خسائر كبيرة تكبّدها أصحاب تلك المزارع، أصغر مربٍّ للدواجن يخسر كل شهرين 7 آلاف دولار، في وقت تقدّر خسائر هذا القطاع وفقاً لرئيس بلدية بليدا حسان حجازي بملايين الدولارات، وبحسبه، «قطاع الدواجن مني بخسائر فادحة، 10 مزارع في البلدة قصفت، كان إنتاج مزارع بليدا يصرّف في الأسواق الداخلية، وقصفها أثّر على إنتاج الفرّوج في السوق المحلية، ما دفع التجار اليوم إلى رفع أسعاره».
شهد سوق الفرّوج المحلي خضّة في الأسعار، إرتفعت بشكل كبير بسبب النقص الحاصل كما يشير إبراهيم، وهو صاحب مزرعة في عيترون، ويقول إنه كان يملك مزرعتين لتربية الدواجن، تنتج نحو 7000 طير كل شهرين وتدرّ حوالى 7 آلاف دولار، «وهذه الثروة راحت بفعل القصف الإسرائيلي للمزارع وعدم القدرة على توفير طعام للطيور».
ليس سعر الفروج وحده الذي ارتفع، بل أيضا سعرالصيصان، وقد وصل سعر الصوص إلى 90 سنتاً بعدما كان 60 سنتاً، وهذا بطبيعة الحال سينعكس أكثر على أسعار الدجاج في المقبل من الأيام بحسب ابراهيم، من دون أن تفوته الإشارة إلى «أنّ الأسعار عادة ما ترتبط بالعرض والطلب، وحالياً الطلب أكثر من العرض، ناهيك عن تصدير الدجاج إلى السوق السورية».
لم يخسر ابراهيم موسمين من انتاج الدجاج باعتبار أن كل موسم ينتج 7 آلاف طير، بل خسر المواسم المقبلة. يقول «كان يفترض أن تصل أعداد الطيور في المزرعة إلى 30 ألف طير، ولكن الحرب قضت على هذا القطاع»، ومع انتهائها نحتاج الى 4 أشهر بين تعقيم وأدوية وتربية لنستعيد عافية القطاع مجدّداً».
نكسة كبرى مُني بها قطاع الدواجن في جنوب لبنان أسوة بباقي القطاعات الأخرى. الخسائر لم تقتصر على توقف انتاج المزارع، بل برزت أزمة أخطر وهي بيع الفروج المثلج على أنه طازَج في الأسواق المحلية، وفق المعلومات، يستغل بعض التجّار حاجة السوق للفروّج اليوم وإرتفاع سعره، ويعمدون إلى بيع الدجاج المثلج طازجاً لتحقيق أرباح مضاعفة، ناهيك عن التلاعب بوزنه عن طريق تعبئته بالمياه، وهو أمر تقول عنه المصادر «خطير ويهدّد السلامة العامة، ويندرج في سياق الغش والتلاعب».
لا ينكر رئيس النقابة اللبنانية للدواجن وليام بطرس هذا الأمر، بل يشير إلى وجود عشرات الكتب لدى وزيري الزراعة والإقتصاد حول بيع الدجاج المثلّج على أنه طازج، «وياللأسف لم يتحركوا، وغضوا الطرف عنه مع ما يحمله الأمر من مخاطر على صحة المواطن». ويقول لـ»نداء الوطن» إنّ «خسائر قطاع الدواجن في الجنوب كبيرة، فالمزارع، وتحديداً الواقعة في القرى الحدودية متوقفة بالكامل، ما أدى ألى خسارة 10 بالمئة من إنتاج لبنان، وهي النسبة التي تغطيها من حاجة السوق المحلية، وقد عمد عدد من المزارع إلى زيادة حجم إنتاجه لتغطية حاجة السوق».
ويوضح بطرس «أنّ قطاع الدواجن هو القطاع الإنتاجي الوحيد الذي يحقق فيه لبنان إكتفاء ذاتياً بحدود 90 في المئة، غير أنه يواجه تحديات جمّة بسبب عدم إهتمام الدولة به، والسماح باستيراد الدجاج المثلّج لينافس المحلي، بدلاً من الاهتمام بالقطاع أكثر أسوة بالدول العربية ليصدّر إلى الخارج كما كان أيام الرئيس كميل شمعون».
ينتظر مربّو الدواجن إنتهاء الحرب للعودة إلى مزارعهم وتأهيلها كونها المصدر الاقتصادي الوحيد لهم، وإلى حينه، يبقى قطاع الدواجن في القرى الحدودية متوقفاً حتى إشعار آخر، مع تسجيله خسائر مضاعفة، فهل تعوّض الدولة أم تدير الأذن الطرشاء؟