نجحت الحكومة “بتهريب” جلسة بعد ظهر امس، عقدتها بشكل مفاجئ تجنّباً لوقوع صدامات مع العسكريين المتقاعدين الذين تمكّنوا يوم أول أمس الثلاثاء من منع انعقاد الجلسة للمطالبة بإدراج مسألة تصحيح الرواتب والأجور بنداً على جدول الأعمال.
لكن وبعد شروع مجلس الوزراء بمناقشاته اليوم بحضور 16 وزيراً، تجمّع عدد من العسكريين المتقاعدين الذين أشعلوا الإطارات على الطريق المؤدية إلى السرايا الحكومية، تزامنا مع انعقاد الجلسة، ما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقالتي إلى استنكار تلك الممارسات والإعتراضات مطمئناً إلى توجه الحكومة لحل قضية الرواتب والأجور.
وإذ رأى حراك المتقاعدين العسكريين أن انعقاد الجلسة الحكومية بشكل مفاجئ يضمر “نوايا سيئة للحكومة، وتحديداً رئيسها، ضد حقوق المتقاعدين العسكريين، وأن هناك مؤامرة مسبقة وكل ما قيل حول إنضاف المتقاعدين هو كذب” دعا الوزراء إلى وقف هذه المهزلة.
وعود “مخادعة”!
وأكد ميقاتي خلال الجلسة “أن الحكومة بصدد اتخاذ إجراءات مؤقتة تقضي بإعطاء العاملين في القطاع العام مساعدة اجتماعية، الى حين إقرار الموازنة في مجلس النواب” مذكّراً بأن هذا الإجراء سبق ان تم اعتماده وتطبيقه على العسكريين في الخدمة وعلى المتقاعدين أيضاً، في موازاة “إعداد مشروع قانون متكامل، سيحال على مجلس النواب، يقضي بضم كل ما أعطي من مساعدات اجتماعية ومثابرة الى صلب الراتب، لأن هذا الأمر أساسي للموظفين” بحسب الرئيس ميقاتي.
“وعود ميقاتي لم تعد تمر علينا فقد سبق أن أطلق الوعود في شهر أيار الماضي ولم يف بها” وفق ما يقول أحد المتحدثين باسم العسكريين المتقاعدين العميد المتقاعد سامي رمّاح. ويذكّر رمّاح بأن الوعود السابقة للرئيس ميقاتي كان من المفروض أن تُترجم في شهر حزيران الفائت على شكل مشروع تعديل وتصحيح لرواتب الموظفين والمتقاعدين بشكل شامل على ان يؤخذ بالإعتبار توحيد الزيادات ومراعاة العدالة بين العاملين والمتقاعدين. “مرّت قرابة 4 أشهر ولم يتم تحقيق أي من الوعود فكل ما وعد به رئيس الحكومة مخادع” يقول رمّاح.
ويرى رمّاح كما كافة العسكريين المتقاعدين بأن “لا شيء يمنع الحكومة من تصحيح الرواتب وتلبية المطالب المتمثلة بتوحيد العطاءات والحوافز واحترام الهرمية والدرجات بين الموظفين بشكل عادل” ويقول “لن نسكت عن حقوقنا ولن نقف مكتوفي الأيدي امام واقع بات معيباً بحيث لا تتعدى رواتبنا نسبة 15 في المئة مما كانت عليه عام 2019 والعميد المتقاعد على سبيل المثال يتقاضى اليوم راتباً يوازي راتب حاجب في الإدارات العامة”.
مقترح ميقاتي “المؤقت”
يواجه ميقاتي غضب العسكريين المتقاعدين بمقترح يقضي بزيادات مؤقتة إلى حين درس مشروع الموازنة العامة للعام 2025 والبت بقضية الرواتب والأجور بشكل نهائي. وتفيد المصادر بأن الزيادات المؤقتة التي يقصدها ميقاتي تتمثّل براتبين إضافيين للموظفين والمتقاعدين بدءاً من شهر تشرين الأول المقبل إلى حين إقرار موازنة 2025 بالإضافة إلى راتبين إضافيين بدءاً من مطلع العام 2025. هذه الزيادات المؤقتة يرفضها المتقاعدون لأنهم اختبروها في وقت سابق وتم اعتمادها على أنها زيادة نهائية وعليه يتمسّكون اليوم بمسألة توحيد العطاءات والزيادات ومراعاة الفئات والتراتبية.
وكشف مكتب ميقاتي في وقت سابق من اليوم بأن رئيس الحكومة كان قد طلب من مجلس الخدمة المدنية إعداد مشروع متكامل لتصحيح رواتب العاملين في القطاع العام ومنهم العسكريين العاملين والمتقاعدين. وبتاريخ الخامس من شهر آب الفائت، رفعت رئيسة مجلس الخدمة المدنية نص مسودة مشروع يرمي الى تعديل الرواتب والتعويضات الشهرية والأجور للعاملين في القطاع العام وتعديل بعض أحكام نظام الموظفين ونظام التقاعد وتعويض الصرف من الخدمة.
وبوشر النقاش في المشروع عبر اجتماعات متتالية معلن عنها رسمياً رأسها رئيس الحكومة مع جميع المعنيين، تمهيداً لرفعه الى مجلس الوزراء وإقراره بالتوازي مع إقرار مشروع قانون الموازنة. وبنتيجة المناقشات، تم التوافق على بعض التعديلات التي يجري إدخالها في صلب المشروع ليكون إصلاحياً متكاملاً وغير مجتزأ.
بالمقابل قال ميقاتي بأنه عندما “تباشر الحكومة بدراسة بنود الموازنة، فإنها ستتخذ خطوات وقرارات أساسية تتعلق بحقوق العاملين في القطاع العام، والزيادات المطروحة للمدنيين والعسكريين الحاليين والمتقاعدين موجودة ضمن مشروع الموازنة”.
بين حديث ميقاتي عن إنصاف الموظفين والمتقاعدين بصلب موازنة 2025 وبين مكتبه الذي يتحدث عن مشروع منفصل سيتم إقراره بموازاة الموازنة ثمة ثغرات ووعود لا تتعدّى الكلام، وهو ما يعزز مسألة انعدام الثقة بين الموظفين والمتقاعدين وبين الحكومة.