يقول البعض أن عام 2020 حمل معه كل الكوارث التي يمكن أن تصيب بلد ما، في كل القطاعات، وهناك من يقول بأن العام 2020 سيكون نزهة مقارنة بما يحمله العام 2021، ولكن الأكيد في هذا كله, أن المسؤولين اللبنانيين قادرين على التحكم إلى حد ما بما يمكن أن يحصل العام المقبل، وتحديداً بما يتعلق بالسياسة والإقتصاد.
في السياسة يطغى الملف الحكومي على ما عداه، والعام 2021 يُفترض ان يشهد ولادة الحكومة، وإن كانت المعطيات الحالية تشير إلى أن هذه الولادة لن تكون قريبة، ولكن السيناريوهات المتاحة للحكومة تتمثّل بإثنين حسب مصادر سياسية بارزة، فإما ولادة للحكومة قبل شهر شباط، وذلك يتحقق بحال اتفقت الإدارة الأميركية الجديدة مع الرئيس الفرنسي على إدارة الملف اللبناني، وإما ولادة لن تأتي قبل الربيع المقبل، بحال تقرر وضع الملف اللبناني على رفّ الإنتظار.
وتضيف المصادر عبر «الديار»: «إن هذين السيناريوهين هما الأقرب للتحقق، إلا بحال قرر اللبنانيون المضي قدماً لوحدهم، وهذا أمر سيكون مستبعداً جداً»، مشيرة إلى أن عام 2021 سيكون عام بدء التسويات في المنطقة، وعليه سيكون على اللبنانيين انتظار دورهم في هذا الإطار.
ومما يشغل بال اللبنانيين مع بداية العام المقبل هو سعر صرف الدولار، فالكل يخشى أن يرتفع سعر الصرف الى ما يزيد عن 10 آلاف ليرة لبنانية، مع العلم أن هذا التوقع ليس جديداً إذ سبق للبعض أن توقع ذلك منذ أشهر ولم يتحقق، فاكتفى سعر الصرف برقم 9 آلاف ليرة لبنانية في عزّ الأزمة، إنما مع ترشيد الدعم المتوقع، يُخشى أن يرتفع الطلب على الدولارات, وبالتالي ارتفاع سعر الصرف تلقائياً.
وفي هذا السياق, يشير الخبير المالي والإقتصادي محمد جزيني إلى أنه «علمياً لا يمكن لأحد توقّع سعر الصرف على المدى القصير، فكيف إن كان البعض يريد التوقع على المدى الطويل، مشدداً على أن سعر العملات الأجنبية يحدّدها 4 عوامل أساسية هي حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، أي أنه كلما كبُر حجمها في السوق المحلي كلما زاد الطلب على الدولار، الإستهلاك، وهو يعني حجم كميات البضائع الأجنبية التي نستهلكها والحاجة إلى الإستيراد، سعر الفائدة، ورابعاً السوق السوداء وما يجري فيها من مضاربات وتلاعب من قبل بعض العاملين فيها والذين يتحكمون بسعر الصرف عبر منصات الكترونية خاصة لهذه الغاية تعمل بعيداً عن العلم المالي والمعطيات الإقتصادية.
ويلفت جزيني النظر في حديث لـ«الديار» إلى أن بعض العوامل المؤثرة في سعر الصرف هي بيد السلطات المالية بالدولة مثل «حجم الكتلة النقدية بالليرة بالسوق»، والتي يتحكم بها مصرف لبنان الذي عمد منذ فترة على لجم ارتفاع حجمها وفرض قيود على الحصول على الليرة عبر المصارف، وسحب الليرة عبر إلزام التجار الراغبين بالحصول على الدولار المدعوم بالدفع نقداً وبالليرة، وحجم الإستهلاك الذي تستطيع الوزارات المعنية التحكم به، وبعض العوامل الاخرى لا تتحكم بها السلطات المالية، مثل السوق السوداء والمضاربات والتي هي عبارة عن تدخّل بالسوق عبر ضخ سيولة ورفع العرض ورفع الطلب حسب المصالح الشخصية، وبالتالي لا يوجد قدرة لأحد لوحده أن يحدد سعر الصرف، ما يعني أن التوقع في هذه الحالة يكون صعباً للغاية.
كذلك يعتبر جزيني أن الأخبار السياسية في لبنان تؤثر على سعر الصرف، فإذا شكلت الحكومة ينخفض السعر واذا لم تشكل يرتفع، وبالتالي, لا يوجد معطيات علمية واضحة تؤدي للحديث عن سعر الصرف في بداية العام 2021، مشدداً على أن قراءة الوقائع الموجودة حاليا تشير إلى أن السعر سيرتفع، ولكن الحديث عن انهيار كامل للعملة الوطنية قد يكون سابقاً لأوانه، داعيا اللبنانيين إلى عدم الهلع وبيع ما يملكونه من دولارات، كذلك عدم الهلع والتهافت على شراء العملة الأجنبية لان ذلك سيعني مزيداً من التدهور في سعر الصرف.
محمد علوش – الديار