“الوضع العقاري اليوم في أسوأ حالاته”… هكذا يلخّص نقيب المطوّرين العقاريين في لبنان مسعد فارس وضع القطاع العقاري في لبنان في الوقت الراهن “حيث بات يفتقد إلى عنصر الاستثمار إن في مجال الأراضي أوالشقق السكنية أو حتى المحال التجارية وغيرها”.
ويشير عبر “المركزية” إلى أن “الوضع الاقتصادي المحلي، قبل اندلاع حرب غزة، أثّر بشكل كبير على الحركة العقارية حتى بات من الصعوبة تحقيق أي مطابقة بين البائع والشاري”، موضحاً أن “أصحاب المشاريع العقارية والمطوّرين العقاريين الذين كانوا مُجبَرين على البيع لتسديد ديونهم، قد حققوا الهدف وباعوا ما باعوه من الشقق السكنية منذ سنتين أو ثلاث، عدا القلة القليلة منهم”، لافتاً إلى “أن هناك صعوبة كبيرة في استقطاب زبائن مستعدين للشراء بالأسعار المعروضة، بل غالبيتهم تتحيّن فرصة الحصول على أدنى سعر ممكن”.
ويُضيف في السياق: ما زاد الطين بلّة، اندلاع حرب غزّة وتوسّع رقعة العدوان الإسرائيلي على الجنوب، الأمر الذي أثار الخوف في صفوف اللبنانيين ودفعهم إلى العدول عن أي استثمار أو شراء أي عقار.
…”السوق أصبحت صغيرة جداً” يقول فارس، عازياً ذلك إلى عوامل عديدة أبرزها:
– اقتصار عملية البيع على الشقق السكنية، أما الأراضي فهي مجمّدة ولا تشهد حركة بيع إطلاقاً، عازياً الأمر إلى أحد الأسباب الرئيسية والمتمثّل بإقفال الدوائر العقارية والذي حجّم السوق وقوّض حركتها. فمَن اشترى قطعة أرض بقيمة 10 ملايين دولار لن يسجّلها ضمن عقد شراء لدى كاتب العدل! وإن لم يحصل على الصكّ الأخضر فلن يجرؤ على دفع مبالغ طائلة…
– خوف اللبنانيين من شراء الشقق أو غيرها في مناطق معرَّضة لأحداث أمنية، أو سبق وشهدت توتراً أمنياً وتحرّكات مقلقة…
هذان العاملان “قلّصا عدد الشارين بشكل كبير، فأصبح الوسيط العقاري يتحرّك 100 ضعف عن السابق لكن بدون جدوى!” بحسب فارس.
ويكشف في المقلب الآخر، أن “حركة العمران لا تزال جامدة حيث لا يُسجَّل أي مشروع سكني جديد، وقد تخرق هذا الجمود مشاريع محدودة جداً بعدد أصابع اليد، ويعود ذلك إلى غياب التمويل المصرفي وتوقف قروض المؤسسة العامة للإسكان”.
ويشير في هذا الإطار، إلى أن “أسعار مواد البناء متقلبة وتنحو تصاعدياً، ما يكبّد أصحاب المشاريع العقارية أكلافاً باهظة لا طاقة لهم على تحمّلها، إذ تكون الأسعار مدروسة عند وضع الخرائط، وسرعان ما تعود إلى الارتفاع عند انطلاق المشروع.
الإيجارات تعوّض!
“مصائبُ قوم عند قومٍ فوائدُ”.. هذا القول المأثور يصلح للتطورات الأخيرة التي شهدت نشاطاً في حركة إيجار الشقق السكنية هرباً من المناطق الجنوب بفعل الخوف من توسّع رقعة القصف.
وهنا يشرح فارس: لقد تحرّكت سوق الإيجارات مع بداية العدون الإسرائيلي، وشهدت تحسّناً لافتاً. فمَن بقيت لديه شقق سكنية كانت معروضة للبيع، أصبحت اليوم مؤجَّرة، ما عوّض نوعاً ما عبء الخسارة.
ويخلص إلى توصيف الوضع العقاري بـ”المزري” إن لجهة بيع الأراضي والشقق السكنية، أو لجهة حركة التطوير العقاري. ويختم آسفاً لـ”اللاثقة بالبلد التي تكبح جماح أي استثمار على الإطلاق”.