كشف موقع Intelligence Online-موقع فرنسي متخصص بالشؤون المالية والاقتصادية-عن قيام دائني الحكومة اللبنانية باتباع استراتيجية النمط الأرجنتيني للحصول على أموالهم، بعدما قدر مصرف “غولدمان ساكس” الأميركي في شهر أيلول الماضي، أن يفقد المستثمرون في السندات اللبنانية 75 في المئة من قيمة استثماراتهم فيها، إذا سوت الحكومة الجديدة خسائر النظام المالي، وبدأت في تنفيذ إصلاحات ذات مصداقية، وفتحت الباب أمام الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي. وقد لجأ الدائنون بالليرة اللبنانية، إلى تعيين شركة White and Case ومقرها مدينة نيويورك الأميركية، وهي شركة متخصصة بحالات التعثر الدولي، إلى توكيل محاميها ديمتريوس ليراتزاكيس المقيم في لندن، لتولي قضية إعادة هيكلة الديون ضد السلطات اللبنانية.
عرفت شركة White and Case القانونية، بدورها الواسع في إعادة هيكلة الديون الأرجنتينية، إذ لجأ حينها دائنو الأرجنتين إلى تشكيل مجموعة تعرف باسم Ad Hoc Argentina Bondholder Group، والتي تمكنت من العثور على دليل على سوء نية حكومة كريستينا كيرشنر في الأرجنيتن تجاه الدائنين. ومع استعداد المحادثات بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية بعد تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتأكيد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمد محي الدين استئناف المحادثات في التاسع عشر من تشرين الأول الحالي، وجد الدائنون، أن الفرصة باتت مناسبة، لتحصيل حقوقهم المالية.
على هذا النحو، أسس عدد كبير من حاملي السندات السيادية، بمن فيهم كل من BlackRock وAshmore Group، Amundi ، Fidelity مجموعة Ad Hoc Lebanon Bondholder Group وانضم إليهم لاحقاً عدد آخر من الدائنين، استجابةً للوضع المالي والاقتصادي المتدهور في البلاد. وقد وفرت المجموعة منتدى لحاملي السندات الدوليين وسعت إلى المشاركة البناءة مع السلطات اللبنانية وأصحاب المصلحة المحليين والدوليين الآخرين.
وتلاحظ المجموعة الإعلان الأخير عن تشكيل حكومة لبنانية جديدة، وترحب بهذا التطور الذي طال انتظاره كخطوة أولى ضرورية نحو معالجة الأزمة المالية والسياسية والإنسانية المستمرة في لبنان. وتأمل المجموعة أن تعزز الحكومة الجديدة عملية إعادة هيكلة سريعة وشفافة ومنصفة للديون. وتتطلب مثل هذه العملية من الحكومة الانخراط بشكل هادف مع صندوق النقد الدولي، وكذلك مع الدائنين الدوليين للبنان وشركاء القطاع الرسمي. ومن هنا، فإن هذه المجموعة، قد تعتبر بمثابة أداة للضغط غير المباشر على الحكومة اللبنانية للإلتزام بالإصلاحات التي يفرضها صندوق النقد على لبنان. وحسب مصدر من مجموعة دائني السلطات اللبنانية، فإن التوجه لتشكيل المجموعة، سيكون بمثابة طرف ثالث، لتأكيد حضوره في المباحثات التي تجري بين لبنان وصندوق النقد، من أجل التوصل إلى آلية حقيقية للحصول على الأموال.
حسب الدائنين، فإن المجموعة، ستتمكن من فرض نفسها في المباحثات الجارية، وسيشكلون نوعاً من الضغط حول رؤية الحكومة اللبنانية، كي تحقق تقدماً سريعاً في إعادة هيكلة ديون البلاد، التي ارتفعت إلى 97.8 مليار دولار بحلول نيسان الماضي 2020، علماً أن ما يقارب 40 في المئة من هذا المبلغ مملوك من قبل مستثمرين أجانب، بينما تمتلك البنوك اللبنانية النسبة المتبقية. على الرغم من الرغبة الواضحة في العودة إلى طاولة المفاوضات، فإن الحكومة اللبنانية تكافح لتحديث الأرقام والخسائر للقطاع المصرفي والبنك المركزي في البلاد.
وعلى غرار النمط الأرجنتيني، من المرجح أن يلجأ الدائنون إلى تقديم عروض، في محاولة لتأمين صفقة مناسبة، على غرار السيناريو الأرجنتيني، حيث كانت الديون تتخطى 65 مليار دولار، فقدمت المجموعة عروضاً بخفض نسب الفوائد على الدين، بنحو 54.5 سنتًا لكل دولار. ومثل هذا العرض حينها يعني أن بين 55 و56 سنتاً كان سيحصل عليها حاملو السندات مقابل أوراقهم المالية. أما في ما يتعلق بالسيناريو اللبناني، فمن غير الواضح ما هي نسبة الفائدة التي يمكن لمجموعة الدائنين التنازل عنها، إلا أنه من غير المرجح أن تكون النسبة كبيرة، بل قد تكون بمعدلات 1 في المئة. وهذا سيكون مأزقاً مالياً جديداً للسلطات اللبنانية من الصعب التملص منه.