بدلاً من استباق مرحلة الجوع والفقر بعد رفع الدعم عن استيراد السلع الاساسية كالقمح والمحروقات والادوية، وهو الامر الواقع المُنتظر حصوله قبل نهاية العام الحالي، ما زالت حكومة تصريف الاعمال تحاول تنظيم دعم السلة الغذائية ومراقبة الاسعار في السوق، رغم انّ وزير الاقتصاد اكّد شخصياً انّه ثبت استغلال بعض التجار للدعم، وبالتالي لم يحقق الدعم الغاية المرجوة منه.
أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أخيراً، مراراً وتكراراً عدم قدرة البنك المركزي على الاستمرار في دعم السلع الاساسية. وقال في آخر تصريح له خلال الايام الماضية، انّه قد يستمر فقط بدعم استيراد القمح لغاية نهاية العام الحالي، وبالتالي من الأجدى اليوم بدلاً من تحديد أسعار المواد الزراعية والحيوانية المدعومة، والاستعانة بالاتحاد العمالي العام لمراقبة الاسعار في السوق، والقيام بجولات على المحال التجارية لمصادرة البضائع وتسطير محاضر ضبط بالمخالفات، العمل فوراً على احصاء عدد العائلات الاكثر حاجة، وتعديل لوائح وزارة الشؤون الاجتماعية، التي تتضمّن تلك الأُسر، وتفعيل برنامج دعم الأُسَر الأكثر فقراً، القائم بالتعاون مع البنك الدولي، بهدف تهيئة الارضية اللازمة لبدء العمل بالبطاقات التموينية للعائلات الاكثر حاجة.
ولكنّ مصادر معنيّة أكّدت لـ«الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال لا تنوي وقف نظام دعم السلع، طالما انّ مصرف لبنان مستمرّ في تمويل هذا الدعم، مشيرة الى انّ الوزارة الحالية تعتبر انّ الحكومة الجديدة يقع على عاتقها التخطيط للمرحلة المقبلة، سواء كانت تتضمّن رفع الدعم او غيرها من التطورات، إلّا اذا طرأ تغيّر جذري، الى حين تشكيل حكومة جديدة وتعذّر الاستمرار بالدعم.
وفي هذا الاطار، قال مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لـ«الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد مستمرّة بنظام السلة الغذائية المدعومة «وفقاً للغة الارقام التي تحدث بها حاكم مصرف لبنان، والتي حدّد بموجبها فترة 3 أشهر لوقف الدعم. وبالتالي نحن ما زلنا نعمل في هذا النطاق، ومستمرّون في استقبال طلبات التجار لاستيراد المواد المدعومة الى حين تبلّغنا وقف الدعم». مؤكّداً انّ قيمة الدعم التي يؤمّنها مصرف لبنان ما زالت نفسها لغاية اليوم.
واعتبر أبو حيدر، انّه من غير المقبول اليوم رفع الدعم من دون ايجاد الحلّ البديل، خصوصاً في ظلّ تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن، «ولهذا السبب نحاول اليوم ترشيد الإنفاق قدر المستطاع لتمديد مدّة الدعم، من خلال تحديد اسعار المنتجات التي يتمّ دعم السلع الاولية الداخلة في صناعتها».
في المقابل، شدّد على ضرورة بدء العمل على ايجاد بديل من الدعم في المرحلة المقبلة، من خلال ترشيد الإنفاق وخفض حجم الدعم تدريجياً على بعض السلع، وصولاً الى رفعه كليّاً، من اجل اتاحة أكبر فترة ممكنة لدعم السلع الحيوية كالادوية على سبيل المثال.
وكشف أبو حيدر، وهو عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان، انّ البنك المركزي يقوم بإعداد دراسات جدّية حول عملية الدعم، بهدف وضع آلية مقابلة، يتمّ اعتمادها عندما يُتخذ قرار وقف الدعم، من اجل التعويض على الأُسر الاكثر حاجة.
تباطؤ في التمويل
من جهته، أكّد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، انّ دعم السلع الغذائية ما زال قائماً ولكن الكميات أقلّ. موضحاً لـ«الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد ما زالت تتلقّى طلبات التجار لاستيراد السلع التي تشملها السلة الغذائية، وتقوم بتحويل تلك الطلبات الى مصرف لبنان لتمويلها، «إلّا انّ البنك المركزي يتأخّر في الدفع أخيراً، خصوصا بعد حادث انفجار المرفأ».
واوضح بحصلي لـ«الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد تتلقى آلاف الطلبات لاستيراد السلع المدعومة، ولكن لا تتمّ الموافقة عليها كلها، وذلك وفقاً لآلية الدعم المحدّدة والتمويل المتوفر. معتبراً انّه «طالما لا يرفض مصرف لبنان الطلبات المحوّلة له من قِبل الوزارة، فهذا يعني انّه مستمرّ في الدعم حالياً، علماً انّه لا يمكن بين ليلة وضحاها وقف هذا الدعم قبل وضع آلية بديلة».
جولة وزير الاقتصاد
في السياق نفسه، جال وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمه امس، على عدد من المحال التجارية، للتأكّد من مدى التزامها بأسعار السلع المدعومة والمحدّد سعرها من قِبل الوزارة. وكشف نعمه في خلال الجولة على الأسعار، بمرافقة مدير حماية المستهلك طارق ابو يونس ومراقبين من مديرية حماية المستهلك ومؤازرة من مديرية أمن الدولة.
وأكّد بعد توثيق المخالفات «مصادرة البضائع، حيث لا التزام بالأسعار المحدّدة، وذلك بإشارة من القضاء المختص، بالإضافة الى تسطير محاضر ضبط لعدم اعلان الأسعار او اختلاف التسعيرة بين الرفوف والصندوق»، مشدّداً على وجوب «الالتزام بالقوانين»، ومعلناً «انّ مديرية حماية المستهلك ستقوم بكل ما يلزم من اجراءات في المناطق اللبنانية كافة لمعاقبة المخالفين».
كما تحدث نعمه عن نقص في تسليم بعض المواد الغذائية، مؤكّداً ملاحقة المستوردين والتجار والموزعين، لانّ هذا يُعتبر احتكاراً ويعاقب عليه القانون».