تقترب الدول العربية من تحقيق طموح السوق المشتركة للكهرباء التي طال انتظارها مع انضمام المزيد من الدول إلى اتفاقية بهذا الخصوص، بينما تطارد أغلب حكومات المنطقة هدف تلبية الطلب المتزايد.
واستكمل المجلس الوزاري العربي أثناء دورة استثنائية عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة آخر لمسات المشروع وناقش الخطوات التنفيذية لإقامة هذه السوق.
وكشف محمد شاكر، وزير الكهرباء المصري، خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوزاري العربي للكهرباء موافقة 13 دولة عربية على اتفاقيتي السوق العربية المشتركة “العامة والسوق”، والتي كان آخرها موافقة كل من مصر والسعودية.
ويمنح هذا الأمر دفعا قويا لانطلاقة واعدة لتعزيز حركة التجارة البينية بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد أن بزغ نجم الطاقة كرافد تصديري بين مختلف دول المنطقة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، في كلمته بالجلسة الافتتاحية للاجتماع، إن هذه السوق “عند استكمال كافة جوانبها التنفيذية، ستكون أكبر مشروع تكاملي عربي ينفذ بعد منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي بدأ العمل بها منذ 2005”.
وأكد أنها خطوة أخرى مهمة نحو تحقيق التكامل العربي على كافة المستويات، بالنظر لما تنطوي عليه الكهرباء من أهمية كبرى لكافة مناحي النشاط الاقتصادي.
ولم يذكر موعد إطلاق هذه السوق بدقة، لكنه دعا كافة الدول الأعضاء إلى تسريع إجراءات تفعيل الاتفاقيتين بعد اعتمادهما من القمة العربية القادمة، كما حثها على الاستثمار في البنية التحتية المؤهلة التي من شأنها تنفيذ مشاريع الربط اللازمة في هذا الشأن.
وشهد إنتاج الكهرباء على مستوى العالم تغيرات عميقة، وهي تحولات تتطلب المواكبة والدراسة المعمقة، إذ ارتفعت نسبة الكهرباء المنتجة من مصادر متجددة بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
وكانت دراسة أعدها البنك الدولي حول “تحفيز تجارة الكهرباء بين البلدان العربية” قد قدرت عوائد ربط شبكات الكهرباء العربية بنحو 180 مليار دولار، بما يفوق حجم التجارة البينية للسلع في المنطقة والبالغ 110 مليارات دولار بنحو 63 في المئة.
ويظهر باروميتر الطاقة للمؤسسة الدولية المانحة أن تجارة الطاقة في المنطقة يمكن أن تحدث فارقا حقيقيا يعزز المنافسة، ومن ثم يمكنها إطلاق العنان لقوة الدفع المترتبة على ذلك لتحفيز التجارة والتعاون في مجالات أخرى.
وتواجه العديد من الدول العربية عجزا حادا في الكهرباء ما يتسبب في انقطاع الكهرباء لساعات طويلة طوال العام، خاصة في العراق وسوريا ولبنان والسودان واليمن وليبيا، ما يؤدي إلى أضرار اقتصادية ومادية فادحة.
في المقابل تعاني دول أخرى ومن بينها مصر وبعض دول الخليج من عجز في الكهرباء خلال فصل الصيف نظرا للارتفاع الكبير في درجات الحرارة مع الارتفاع الحاد في أسعار النفط التي تعتمد عليها أغلب محطات الكهرباء التقليدية.
وتشير التقديرات إلى أن معدل نمو الطلب بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتراوح بين 7 و10 في المئة سنويا، مقارنة بخمسة في المئة كمعدل دولي.
ولجأت الدول العربية مؤخرا إلى التوسع في الطاقة النظيفة عبر إقامة محطات الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بهدف توفير كميات أكبر من الطاقة تواكب الخطط التنموية لهذه الدول وتخفض تكلفة الإنتاج.
ووفق دراسة لمؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور، فإنه حال تشغيل مشاريع طاقة الشمس والرياح التي تُنفذ حاليا في المنطقة طبقا للجدول الزمني المحدد لها، فإن إجمالي الإنتاج سيبلغ 91 في المئة من إجمالي إنتاج الطاقة المستهدف عام 2030.
وكانت جامعة الدول العربية قد أعلنت في 2013 مبادرة لنشر الكهرباء النظيفة التي التزمت بموجبها بزيادة قدرة المنطقة من الطاقة المتجددة بمختلف أنواعها من 12 غيغاواط في عام 2013 إلى 80 غيغاواط بحلول عام 2030.
وبلغ إجمالي إنتاج المنطقة العربية من طاقة الرياح والطاقة الشمسية العام الماضي أكثر من 12 غيغاواط، وتعد دول المغرب وتونس ومصر من أولى الدول التي أنشأت محطات طاقة الرياح.