فور انتهاء فضّ عروض مناقصة شراء 150 ألف طن بنزين لمصلحة منشآت النفط وإعلان فوز شركة «ZR» المملوكة من الشقيقين تيدي وريمون رحمة، دار سجال حول كمية الأرباح الإضافية التي سيحققها الشقيقان من الفوز بالمناقصة مقارنة مع ما يحققه مستوردو المشتقات النفطية في الشحنات التي يستوردونها لحسابهم الخاص. ومع أن هذه المقارنة قد تحمل بعض الحقائق، وخصوصاً تلك المتعلقة بالسمعة السيئة والشبهات التي تدور حول الشركة في عدد من البلدان، إلا أنه لا يمكن اختصار المناقصة ونتائجها بالأرباح التي ستحظى بها الشركة الفائزة من دون التوقف جلياً عند نتائج «إنجاز» مناقصة أراد كارتيل النفط في لبنان كسرها وإفشالها بأي طريقة متاحة.
بعد تأجيل لمدّة أسبوع بهدف فتح الباب أمام مشاركة أوسع، ارتفع عدد المشاركين في مناقصة شراء 150 ألف طن بنزين لحساب منشآت النفط المملوكة من الحكومة اللبنانية، من شركتين الاسبوع الماضي إلى ثلاث شركات. فتحت العروض بحضور وزيرة الطاقة وخلصت النتائج إلى فوز شركة «ZR» المملوكة من الشقيقين تيدي وريمون رحمة في مواجهة «Oman TRADING international» المملوكة من الحكومة العمانية، وشركة «LEBNEFT fzc» المملوكة من طوني سعد.
النتائج احتُسِبَت على أساس «البريميوم» أو العلاوة التي تحدّدها كل شركة فوق سعر طن البنزين (ألف ليتر) المحدّد في نشرة البلاتس العالمية. عملياً، «البريميوم» هو العنصر الذي تتنافس عليه الشركات، وهو يتضمن عناصر خارجية بعضها ثابت وبعضها متحرّك. من أبرز العناصر المعروفة، كلفة شحن السلعة على الباخرة، وكلفة تأمين الباخرة، وكلفة فتح الاعتمادات وسواها. وعندما تبيّن أن شركة «ZR» حدّدت «بريميوم» بقيمة 38.9 دولاراً على الطن الواحد، أي أدنى من سعر «Oman TRADING international» (46 دولاراً) ومن سعر شركة «LEBNEFT fzc» الذي كان أعلى من سعر «ZR» بأقل من دولار واحد، انطلقت مقارنات للسعر تشير إلى أن سعر البريميوم لمنشآت النفط أعلى من سعر البريميوم للشركات المستوردة لحسابها بقيمة تراوح بين 10 دولارات و16 دولاراً على الطن.
هذه المقارنات لم تكن دقيقة، لأنها أغفلت المقارنة بين عناصر تركيب سعر «البريميوم» الذي فازت على أساسه الشركة، والعناصر الواردة في جدول تركيب الأسعار الذي يتم على أساسه تسعير كلفة صفيحة البنزين للمستهلك. بحسب بيان وزيرة الطاقة مساء أمس، فإن السعر الذي فازت به الشركة يتضمن أجرة النقل والتأمين ومصاريف مختلفة، إضافة إلى ربح غير صافي للشركة بقيمة إجمالية تبلغ سعر البلاتس مضافاً إليه 38.9 دولاراً.
في المقابل، إن جدول تركيب الأسعار يتضمن أجرة النقل وكلفة التأمين ومصاريف مختلفة بقيمة 28.9 دولاراً، وفوقها يحتسب ربح الشركات بنسبة 5%. فإذا كان سعر البلاتس 592 دولاراً (كما كان في الاسبوع الماضي) مضافاً إليه 28.9 دولاراً، أي 620.9 دولاراً، فإن الربح غير الصافي للشركات يكون 31 دولاراً، أي إن السعر النهائي هو سعر البلاتس مضافاً إليه مبلغ 59.9 دولاراً.
هذه الحسابات تشير إلى أن السعر الذي حصلت عليه المنشآت أمس هو أقلّ بنحو 21 دولاراً، أي الفرق بين الـ38.9 دولاراً والـ59.9 دولاراً.
قد تكون هذه الحسابات دقيقة، إلا أنها لا تشمل أن منشآت النفط ستقوم بتخزين مادة البنزين، ولديها كلفة التفريغ والنقل، وما يعرف بـ«الزربان» والتبخير وعناصر أخرى تحصل عليها الشركات الخاصة من ضمن جدول تركيب الاسعار، وهو ما قد يمنح الشركات أفضلية على منشآت النفط لجهة القدرة على البيع بأسعار أدنى بنحو 5 دولارات. لكن الوزيرة أكّدت في بيانها أمس أن السعر لن يتغيّر على المستهلك، وأن مادة البنزين ستكون مستقرّة في السوق. ما لم تُرد الوزيرة قوله هو أنه لن يعود بإمكان الشركات ابتزاز الناس بهذه المادة الحيوية التي يستوردونها، وما لم تقله أيضاً إن الحرب مع كارتيل النفط لم تنته بعد.
وزيرة الطاقة: السعر على المستهلك لن يتغيّر
ففي هذا الإطار، ربما لن تتمكن منشآت النفط من تحقيق ربح في استيراد 150 ألف طن من البنزين، وربما ستحصل الشركة الفائزة على بعض الأرباح الإضافية، إلا أنه لا يلغي أن الهدف الأساسي من هذه المناقصة تحقق، والرامي إلى إدخال منشآت النفط إلى سوق استيراد وتوزيع البنزين في السوق المحلية. من قال إنه لن تكون هناك كلفة لهذه العملية؟ ومن قال إن كارتيل النفط سيستسلم بسهولة في مواجهة اقتطاع حصّة سوقية تقدّر بنحو 10% من مبيعات البنزين في السوق؟ ألم تشترِ 14 شركة مستوردة للمشتقات النفطية، دفتر شروط هذه المناقصة من بينها 6 شركات محلية هي: يونيترمينال (بإدارة سليم رمضان ومملوكة من عائلة كويتية)، توتال (مملوكة من توتال فرنسا)، بي بي اينرجي (مملوكة من آل البساتنة)، وردية (مملوكة من سموأل بخش السعودي)، ليكويغاز (مملوكة من ثلاثة أشقاء من آل يمّين)، زد آر (مملوكة من الشقيقين رحمة)؟ لماذا لم تتقدّم إلا شركة واحدة محلية لهذه المناقصة هي «زد آر»؟ لماذا لم تشترِ دفتر الشروط «ميدكو»، و«أي بي تي»، و«كوجيكو»، و«آبيك»، و«هيف»، و«جيفكو»؟ في المناقصة المقبلة لاستيراد البنزين قد يشارك عدد أكبر، وستزداد المنافسة وستنخفض كلفة الاستيراد أكثر على الدولة.
الوقائع تشير إلى أن المشكلة الأساسية هي في دخول الدولة على خط استيراد البنزين. وهذا الكارتيل رفض أن يشارك في مناقصة استيراد المازوت التي أعيدت حتى الآن ثلاث مرّات بمشاركة شركة واحدة فقط في مقابل تهافت من الشركات في الفترة الماضية لاستيراد المازوت لحساب منشآت النفط؟
رغم كل ذلك، بعض مما قيل فيه الكثير من الدقّة عن الشركة الفائزة التي تواجه دعاوى اختلاس أموال في قطاع الاتصالات في العراق، ولديها سمعة سيئة أيضاً في عمليات استيراد المشتقات النفطية.