يوم قررت الحكومة نقل التسعير من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي كان الهدف حلّ مشكلة كبيرة ظهرت نتيجة إرتفاع الدولار الجنوني في تلك الفترة والذي كان يتأرجح صعوداً ونزولاً لأكثر من عشرة آلاف ليرة في اليوم الواحد فقط. اعتبر كُثر أن هذه الخطوة ستحلّ المشكلة ولم يدركوا أن جشع التجّار أكبر بكثير مما يُمكن أن يظنه البعض.
اليوم عندما تزور السوبرماركت تلاحظ عملياً إرتفاعاً بالأسعار بالصنف الواحد حتى بالدولار… وتسأل نفسك عن السبب الذي أدى الى هذا الارتفاع؟ ولا تجد جواباً محدداً. ولكن رئيس نقابة مستوردي السلع الغذائية هاني بحصلي لا ينكر أن “بعض السوبرماركات قد تلجأ الى رفع بعض الاسعار ولكن هذا النموذج لا يُمكن تعميمه على الجميع بالإجمال، واستند في هذا الأمر الى دراسة اعدتها وزارة الاقتصاد سابقاً على 70 سلعة غذائية وظهر فيها أن إرتفاع الأسعار هو بمعدّل 1%”.
وأشار بحصلي عبر “النشرة” الى أن “بعض الأصناف ارتفعت أسعارها لأنها تأثرت بالدولار الجمركي كالمعلبات والخضار والفواكه واللحوم والاجبان المستوردة، ولكن هناك أصناف أخرى كالزيوت والتونة والسردين وغيرها إنخفضت أسعارها لعدة أسباب”، مؤكداً في نفس الوقت أن “الانتقال لـ”دولرة الاسعار” كانت نتيجته ايجابية على كلّ شيء وساعدت بشكل كبير بثبات سعر الصرف في الأشهر الماضية”.
إذاً، ورُغم الايجابيات التي تحدث عنها المستوردون فمن غير الصحيح ما يُحكى عن الزيوت الّتي تراجعت أسعارها إنما ارتفعت وبشكل جنوني.
من جهته فإن الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، يشير الى أنه “وبقرار حكومي اعتمد لبنان “الدولرة” وهذا أمر سيء جداً لأن العملة الوطنية لم تعد تستخدم”. لافتاً عبر “النشرة” الى أن “الليرة أصبحت عملة نادرة والدولار أصبح عملة التبادل مما يعني أن الحكومة إرتأت التخلّي عن السياسة النقدية للمصرف المركزي وإعتماد الدولار الأميركي”، معتبراً أن “واحدة من سيئات “الدولرة” أنها سمحت للتجار أن يغشّوا المواطن من ناحية اللجوء الى رفع الأسعار شيئاً فشيئاً دون أن يشعر بذلك، ففي الحقيقة التسعير بالدولار يخفي الإرتفاع”.
يضيف عجاقة: “التسعير بالدولار أدخل على الإقتصاد اللبناني عملة خضراء تصنّف دولياً “كاش” وعملياً اقتصاد الكاش مشبوه لأنه عملياً عندما يتمّ التعامل “بالكاش” فهذا يسمح القيام بالتهرّب الضريبي ويمكن إحضار مصدر البضائع من أي مكان”، مشيراً الى أن “التجار إستفادوا من التهريب الى سوريا كذلك من إستيراد بعض السلع وجنوا أرباحا طائلة”، مختصراً القول “التهريب يساهم في دعم أرباح التجّار”.
لا شكّ أن الدفع بالدولار واشتداد الازمة في لبنان وسوريا ساهما بشكل كبير في مضاعفة أرباح التجّار سواء عبر التهريب أو استيراد بعض السلع، في نفس الوقت تعوّد المواطنون والسوبرماركات على حدّ سواء على التعامل بالدولار، وقلّة قليلة فقط باتت تتعامل بالليرة، والأكيد من مساوئ هذا الأمر فقدان الثقة بالليرة كعملة وطنية رسمية… فهل يدرك المسؤولون ماذا يفعلون؟!.