تتزايد المؤشرات على أن الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة على البن البرازيلي ستعمل على إعادة تنظيم هذه التجارة، والتي تدفع أكبر منتج في العالم إلى تحويل المزيد من الشحنات إلى الصين.
ويبدو أن التعريفة البالغة 50 في المئة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات البن البرازيلي سوف تحفّز التجار على البحث عن طرق غير مباشرة للوصول إلى الولايات المتحدة.
وأعلنت واشنطن الأربعاء الماضي أن الرسوم الجمركية على بعض المنتجات البرازيلية، بما في ذلك البن، ستدخل حيز النفاذ بداية من الأربعاء المقبل.
وستُشكّل الخطوة تحديًا لتجار السلع ومصدري البن البرازيلي في إيجاد مشترين لحوالي 8 ملايين كيس زنة 60 كيلوغراما تُباع لمُصنّعي البن الأميركيين سنويًا.
وتُعدّ الولايات المتحدة أكبر مُستهلك للبن في العالم، حيث تُصدر حوالي 25 مليون كيس سنويًا. ويأتي ثلث هذه الكمية من البرازيل، من خلال تجارة ثنائية بلغت قيمتها 4.4 مليار دولار خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في يونيو.
وقال مايكل جي. نوجنت، كبير سماسرة القهوة الأميركيين ومالك شركة أم.جي. نوجنت وشركاه لوكالة رويترز “الآن سيُعاد تنظيم تدفق تجارة القهوة العالمية“.
وأضاف “سيمتد أثر ذلك من ساو باولو إلى سياتل.. من المنشأ إلى المحمص إلى سلاسل المقاهي ومحلات البقالة، وحتى رواد الأعمال الصباحيين”.
وقد يستفيد من إعادة توجيه الكمية الهائلة من البن التي ترسلها البرازيل عادة إلى الولايات المتحدة، على غرار الإنتاج الكامل لمزارع البن عالي الجودة في إثيوبيا، منافس رئيسي لترامب ألا وهو الصين.
وقال مارك شونلاند، المستشار المستقل لصناعة القهوة الأميركية، إن المزيد من حبوب البن البرازيلية قد يتجه إلى الصين بسبب العلاقات التجارية بين البلدين، وكلاهما عضو في مجموعة البريكس، وبعد أن عطّلت إدارة ترامب الأولى التجارة.
ويشهد استهلاك القهوة ارتفاعا حادا بين المستهلكين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث يُقلع الشباب عن شرب الشاي بحثا عن جرعة أعلى من الكافيين.
وتُعدّ البرازيل المورد الرئيسي لهذه السوق، حيث صدّرت 538 ألف كيس إلى الصين بالنصف الأول من عام 2025، وفقًا لبيانات رابطة المصدرين سيكافيه.
ونما استهلاك القهوة في الصين بنحو 20 في المئة سنويًا خلال الأعوام العشرة الماضية، كما تضاعف استهلاك الفرد في الأعوام الخمسة الماضية، وفقًا لبيانات القطاع.
وصرح لوغان أليندر، رئيس قسم القهوة في شركة أطلس كوفي كلوب الأميركية لتحميص وتوزيع القهوة، بأنه من الممكن تصدير المزيد من حبوب البن البرازيلية إلى الاتحاد الأوروبي، حيث لا تواجه أي رسوم جمركية.
ويرى خبراء التجارة أن هناك إمكانيات أمام المصدرين لمحاولة التهرب من الرسوم الجمركية من خلال تصدير القهوة البرازيلية إلى دول أخرى، ومنها إلى الولايات المتحدة.
وقال ديباجيوتي باتاتشاريا، نائب الرئيس التجاري بشركة أي.أف.إي.إكس المحدودة للسلع الزراعية، “سيزيد ذلك من تكاليف الشحن، ولكنه سيخفض تأثير الرسوم إلى ما بين 10 و15 في المئة كحد أقصى”، مؤكدا أنه يمكن استخدام دول مثل المكسيك أو بنما كمحطات توقف.
وأضاف “بدون سلسلة توريد قوية وقابلة للتتبع، تصبح الرسوم الجمركية بلا معنى. أعني لا يمكننا إيقاف تدفق النفط، فلماذا نمنع تدفق القهوة؟”.
وتعتقد جوديث غانيس، كبيرة محللي السلع اللينة والمستشارة المستقلة، أن استبعاد واشنطن للقهوة من قائمة إعفاءات واسعة النطاق للمنتجات البرازيلية يشير إلى أن ترامب يستخدم المنتج كورقة مساومة في خلافه السياسي مع الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.
وصرح ترامب بأن المحكمة العليا البرازيلية تعامل حليفه، الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، بشكل غير عادل. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس الأربعاء.
وأفاد التجار بأن القهوة التي تُشحن في البرازيل بحلول السادس من أغسطس الجاري يمكنها دخول الولايات المتحدة دون دفع الرسوم حتى السادس من أكتوبر المقبل.
وأكد ويليام كابوس، الرئيس التنفيذي لشركة داون إيست كوفي روسترز لمعالجة القهوة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، لرويترز أنه يُسارع إلى شحن القهوة البرازيلية التي اشتراها بالفعل من أميركا الجنوبية قبل هذا الموعد النهائي الأسبوع المقبل.
وأشار إلى أنه سيسعى مستقبلا إلى شراء القهوة من أميركا الوسطى وأفريقيا لتحل محل حبوب البن البرازيلية. وقال “لكن الجميع سيفعل ذلك، لذا من حيث السعر، سيكون ذلك ضغطًا على المشترين الأميركيين”.



