بينما تخشى الاقتصادات الأوروبية من الكساد بسبب الآثار المترتبة على الحرب الروسية – الأوكرانية، في ظل العقوبات التي فُرضت على موسكو بمقاطعة إمدادات الطاقة والغاز الطبيعي، توقع اقتصاديون أن تعزز المباحثات السعودية – الفرنسية الشراكات الاستراتيجية التي تسهم في استقرار أسواق الطاقة والنفط العالمية، وتقلل من تحديات حركة سلاسل الإمداد الغذائية والسلع الضرورية، مستفيدة من السعي السعودي – الفرنسي إلى تعظيم الشراكة الاستراتيجية، في مواجهة المتغيرات الدولية والظروف الجيوسياسية.
وأكد الدكتور محمد بن لادن، رئيس مجلس الأعمال السعودي – الفرنسي أن زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى فرنسا، ستعزز أوجه التعاون في جميع الأصعدة والمجالات التي تهم البلدين، في ظل المتغيرات الدولية، التي ينعكس أثرها بشكل مباشر على المنطقة، مشيراً إلى أن زيارة ولي العهد تأتي في إطار ردّ الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جدة، في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي (2021)، حيث جرى خلالها تحديد أطر التعاون بين البلدين الصديقين.
وقال بن لادن لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الزيارة ستعطي دفعة قوية للعلاقات المتينة بين البلدين الممتدة على مدى العقود الماضية… المأمول أن تسفر محادثات ولي العهد وماكرون في باريس على تأكيد تطوير مجالات الشراكة السعودية – الفرنسية، بما يخدم أهداف (رؤية السعودية 2030)». ووفق بن لادن، فستعمل الزيارة على الارتقاء بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات أفضل، في ظل النظرة الضبابية لأداء الاقتصاد العالمي، بسبب الظروف الجيوسياسية وتأثير الأزمات الصحية. ورجَّح رئيس مجلس الأعمال السعودي – الفرنسي أن تتمخض هذه الزيارة عن عقد اتفاقيات تعاون في مجالات مختلفة، في مجال التعاون التجاري، مشيراً إلى أن مجلس الأعمال المشترك أطلق خطة، في سبيل إيجاد الفرص وتشجيع الشركات الفرنسية على الاستثمار في المملكة، فضلاً عن نقل وتوطين التقنية، ما ينعكس على توليد مزيد من فرص العمل.
وعلى صعيد العلاقات التجارية بين السعودية وفرنسا، أوضح بن لادن أن حجم التبادل التجاري بين الرياض وباريس شهد تسارعاً بزيادة ملحوظة في الفترة الماضية، مبيناً أنه تجاوز عتبة 10 مليارات يورو، مشيراً إلى أن فرنسا تحتل المرتبة الثالثة من حيث موقعها كأحد كبار المستثمرين الأجانب في السعودية. وأفاد بأن الشركات الفرنسية تستثمر ما قيمته 15 مليار دولار. ولفت رئيس مجلس الأعمال المشترك إلى أن الشركات الفرنسية حصلت على العديد من العقود المهمة في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، في ميادين ومشاريع تنموية مختلفة كثيرة، مثل تحلية المياه، والطاقة، والأمن، والزراعة، إضافة إلى مشروع النقل العام بالمترو والحافلات في مدينة الرياض. ووفق بن لادن، تعمل في السعودية نحو 80 شركة فرنسية توظف أكثر من 30 ألف شخص، مع نسبة توطين تصل إلى 36 في المائة، حيث تستثمر أكثر من 15 مليار دولار في السعودية، مفيداً بأن صادرات المملكة لفرنسا بلغت 6.5 مليار يورو، وتمثل المنتجات النفطية 96 في المائة من إجماليها.
من جهته، أكد رجل الأعمال السعودي، عبد الله المليحي، أن مباحثات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس إيمانويل ماكرون، في فرنسا، ستخاطب المستجدات الإقليمية والدولية، وتعزز الجهود المبذولة تجاهها، بغية مواجهة التحديات المشتركة، وصون الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أن النتائج ستنعكس إيجاباً على استقرار الاقتصاد وأسواق الطاقة العالمية، في ظل توقعات بآثار سلبية للأزمة الروسية – الأوكرانية.
وتوقع المليحي أن تثمر المباحثات السعودية – الأوروبية التي يقودها ولي العهد السعودي في زيارته الرسمية الثانية لاثنين من دول الاتحاد الأوروبي، اليونان وفرنسا، تعميقَ روح الاطمئنان في الأسواق والاقتصاد وإمدادات الطاقة والغاز والغذاء، لما لها من تأثير مباشر على وضع خطة عمل تعاوني مثمرة للوضع في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية.
ورجح المليحي أن تركز الاتفاقيات المتوقّعة بين البلدين على حقول الاستثمار وقطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في ظل جاذبية السعودية لهذا النوع من الاستثمار في مشروعات «نيوم» و«ذا لاين»، مبيناً أن هذه المشاريع تُعدّ نقطة تحول لرجال الأعمال السعوديين وغير السعوديين.