يحتار المواطن البعلبكي بأمره فهو عالقٌ بين نارين: نار فقدان السلع الغذائية التي يحتكرها التجّار، ونار إنتظار السلّة الغذائية المدعومة من الحكومة اللبنانية والتي لم يرها المواطنون إلا صورةً على وسائل التواصل الإجتماعي. ولا عجب إن وقع إشكالٌ بين أحد المواطنين وصاحب سوبرماركت حتى يتمكّن الأول من تأمين كيسين من الحليب لطفله قبل أن يرتفع السعر مُجدّداً. ولا استغراب إن شهر أحدهم سِلاحاً بوجه مواطنٍ على الطريق ليشحد ثمن ربطة خبز بالقوّة، فكلّ تلك المشاهد بدأت تظهر بعدما ضاقت حلقات الأزمة على رقاب اللبنانيين.
بين ليلةٍ وضحاها تتغيّر الأسعار على رفوف السوبرماركت بناءً على تقلّبات سعر صرف الدولار. وبقُدرة قادر، يختفي بعض السلع الغذائية لا سيّما المدعومة منها، كالحبوب والزيوت والحليب وغيرها، حيث يعمد التجّار إلى احتكارها وتخزينها في المستودعات لرفع سعرها وِفق السوق ومن دون أي دعم.
وبين البقاع وبيروت تختلف أسعار السلع الغذائية بمِقدار الضعف، حيث يقصد عدد كبير من أبناء المنطقة العاصمة، لشِراء ما أمكن من السلع التي يفوق سعرها الضعف في بعلبك، وتختلف أيضاً الأسعار في بعلبك عن غيرها من مناطق المحافظة. ويقصد البعض أيضاً الهرمل وعرسال، حيث يلمس المواطنون الغلاء الفاحش والفروقات بين المناطق. أكثر من النصف وفّر حسين ع. بعد شرائه ما يلزم من المواد الغذائية من بيروت، ووِفق ما أشار لـ”نداء الوطن” فإنه وبالرغم من ارتفاع سعر صرف الدولار في بيروت أكثر من بعلبك، إلا أن الأسعار هناك أقلّ بكثير من هنا، ومن المواد التي اشتراها، على سبيل المثال البرغل على اختلافه حيث دفع ثمن الكيلو 3750 ليرة في حين يصل في بعلبك إلى 7000 ليرة لبنانية، اما المعكرونة فثمنها في بيروت 2500 ليرة للربطة الواحدة في حين سجّلت أمس في “مدينة الشمس” 7000 ليرة، ويسأل حسين عن دور وزارة الإقتصاد في مراقبة الأسعار؟”.
فرق الأسعار تؤكّده السيدة إلهام ص. وهي تخرج من السوبرماركت وتلطم رأسها، وتقول لـ”نداء الوطن: إنّ “مُعظم التجّار لا دين لهم، ولا يوجد في قلبهم ذرّة من الرحمة، فكيلو الفاصوليا دفعت ثمنه 18 ألف ليرة لبنانية، أما الزيت فثمن 3 ليتر 30 ألفاً”. وعند السؤال عن المواد المدعومة يكون الجواب حاضراً: “خلصت، ومن هون لتجي البضاعة الجديدة بيفرجها الله”، وتُضيف إلهام بأنها تعلم في قرارة نفسها أنّ مُعظم المواد التي يشتريها الناس هي من المواد المدعومة، ولكنّ التجار إحتكروها وخزّنوها لبيعها من دون أي دعم ولتحقيق أرباح إضافية. وعند سؤال صاحب أحد المحال التجارية عن المواد والسلع المدعومة، يُشير الى أنّ التأخير ناتج عن تأخّر التجّار في تسليمها، مُضيفاً انّ قرار مصرف لبنان دعم بعض السلع وتأمين الدولار وِفق سعر الصرف الرسمي للتجّار، هو في الحقيقة إحتكار أيضاً، فتأمين الدولار يكون لعدد من التجّار دون غيرهم، ما يدفعهم إلى احتكار البضائع والسلع والتحكّم بتوزيعها على المحال بالكميات والأسعار.
إختلاف أسعار السلع بين بعلبك والهرمل وعرسال ضمن محافظة بعلبك الهرمل، ما هو إلا دليل إضافي على فساد أصحاب عدد من المحال التجارية وجشعهم، في ظلّ الأزمة الخانقة التي يعيشها اللبنانيون.