الشامي: لا مخطَّط لصرف ما تبقّى من حقوق السحب الخاصّة

مرّ عام ونصف على حصول لبنان على حقوق السحب الخاصّة به من صندوق النقد الدوليّ. وتعهّدت الحكومة حينها، عدم المسّ بهذه الأموال بأيّ شكل من الاشكال. لكن مع استفحال الأزمة الاقتصادية وتقلّص احتياطيّ مصرف لبنان، شرعت الحكومة بإنفاق حوالي ثلثي هذه الأموال لاستيراد الدواء والقمح وبعض الإنفاقات الأخرى. ووسط التخبّط السياسيّ الحالي وغياب أيّ رؤية تنمويّة إنتاجية وعلى أيّ مستوى آخر، لا مخطَّط لدى الحكومة لصرف ما تبقّى من هذه الأموال.

وبحسب “النهار” يمكن اعتبار “حقوق السحب الخاصّة” SDR كعملة استحدثها صندوق النقد الدوليّ، ويقوم بتحديد قيمتها وفق سلّة مرجّحة من الدولار الأميركيّ واليورو واليوان والين والجنيه الإسترليني. غير أنّه بخلاف العملات العادية، لا يمكن للأفراد العاديين اقتناء “حقوق السحب الخاصة” لأنّها تندرج ضمن الأصول الثابتة في الاحتياطات الدولية لبلد ما، ويمكن لصندوق النقد الدوليّ أن يحتفظ بها أيضاً، فضلاً عن مجموعة محدودة من الحاملين المحدّدين، وبشكل أساسيّ المؤسسات الإنمائية المتعدّدة الجنسيات، مثل صندوق النقد العربيّ. على سبيل المقارنة، تشكّل حقوق السحب الخاصّة 2 في المئة من الاحتياطات العالمية في حين يشكّل الدولار الأميركيّ 57 في المئة.

علامَ أُنفقت أموال “حقوق السحب الخاصّة” وماذا تبقّى منها؟

في أيلول 2021 حوّل صندوق النقد الدولي إلى لبنان ما قيمته حوالي 1.139 مليار دولار من حقوق السحب الخاصّة. وتناقلت معلومات أنّ أكثر من 550 مليون دولار من هذه الأموال، أي ما نسبته 48 في المئة، تمّ إنفاقها على أمور عديدة، والمبلغ المتبقّي أقلّ من 600 مليون دولار. لكنّ أرقام وزارة المالية حول إنفاق هذه الأموال، وحتى تاريخ 27-1-2023، جاءت كالأتي:

حوالي 121 مليون دولار لاستيراد القمح
حوالي 109 ملايين دولار لدفع مستحقّات القروض
حوالي 223 مليون دولار للكهرباء
حوالي 13 مليون دولار لدفع مستلزمات جوازات السفر
حوالي 243 مليون دولار لاستيراد الدواء
حوالي 683 ألف دولار لرسوم قانونية مستحَقّة لوزارة العدل
حوالي 34 مليون دولار لرسوم حقوق السحب الخاصّة.

ويكون بذلك مجموع هذه الإنفاقات حوالي 747 مليون دولار، أي أنّ ما تبقّى من أموال حقوق السحب الخاصّة للبنان يساوي حوالي 392 مليون دولار فقط.

بحسب الخبير الاقتصادي جان طويل وفي حديثه لـ”النهار”، يمكن للحكومة ولمصرف لبنان التصرّف بأموال حقوق السحب الخاصّة، تحت رقابة ديوان المحاسبة. وعالمياً، وفي الدول حيث طريقة إدارة المؤسسات والإنفاق والموازنات واضح وشفاف، يمكن تأمين المحاسبة والرقابة لإنفاق أموال حقوق السحب الخاصّة، على عكس ما يجري في لبنان.

وقد أُنفق جزء كبير من هذه الأموال في لبنان على الدعم الذي أثبت عدم فعاليته وعدم استفادة الشعب منه. وأُضيف إليها تمويل جوازات السفر. من هنا، برأي طويلة، الأجدى الإنفاق على تكاليف الانتخابات البلدية التي تبلغ حوالي 8 ملايين دولار من حقوق السحب الخاصّة لتفعيل المؤسسات والحياة الديمقراطية والعمل الاجتماعيّ، فالبلديات حاليّاً هي مقصد وملجأ العديد من سكّانها في حالات اجتماعيه عديدة.
وفيما نحن على مقربة من الانتخابات البلدية، تنقسم الآراء بين مؤيدين لاستخدام أموال حقوق السحب الخاصة لتمويل هذه الانتخابات وبين رافضين المسّ بما تبقّى منها.

نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وفي حديثه لـ”النهار”، يتحدّث عن أنّ الهدف من صرف هذه الأموال كان مساعدة الدول بعد جائحة كورونا واستيعاب تداعياتها، لكن في لبنان أُنفقت على احتياجات أخرى، لأنّ للدولة الحقّ في استخدامها بالطريقة التي تراها مناسبة. ولوزارة المال الحقّ في التصرّف بهذه الأموال بالتشاور مع مصرف لبنان، كما أنّ للحكومة الحقّ بالتصرف بهذه الأموال. وبحسب الشامي، “ليس هناك أيّ مخطَّط أو مشروع مرتقَب لدى الحكومة لإنفاق ما تبقّى من هذه الأموال”.

مصدرالمركزية
المادة السابقةاحتكار “ليبان بوست” للبريد انتهى: الفرنسيون استحوذوا عليه
المقالة القادمةسلام: صندوق النقد وضع خارطة الانهيار للسنوات الـ 4 المقبلة إذا لم تنفذ الإصلاحات