لم تنجح تجربة الصيارفة الأسبوع الماضي في تخفيض سعر صرف الدولار كما ينبغي، لأسباب عديدة، ويُمكن القول ان الفشل لم يقتصر على السعر، بل تعدّاه الى التسبّب بتجمّعات شعبيّة أمام محالهم للحصول على 200 دولار، مقابل صورة هوية، فنشطت العصابات التي عمدت الى استئجار “الهويّة” مقابل 50 ألف ليرة، وجمعت الدولارات لنفسها.
فهم الصيارفة اللعبة، فعمد بعضهم لدفع 200 ألف ليرة لصاحب الهويّة والاحتفاظ بملبغ الـ200 دولار، الأمر الذي توقف السبت الماضي مع قرار تجميد هذه الخدمة. اليوم، أصدرت نقابة الصيارفة بيانا يتضمن الطريقة الجديدة للحصول على الدولار، لأهداف محدّدة، وهي الحصول على 300 دولار شهريا لدفع راتب المساعدة المنزليّة بعد إظهار المستندات المطلوبة، الحصول على 1000 دولار كبدل تذكرة سفر، 2500 دولار شهريا قسط جامعة خارج لبنان، 1000 شهريا قسط منزل خارج لبنان، 500 دولار كحد أقصى لتسديد قسط قرض بالدولار داخل لبنان بعد إبراز المستندات المطلوبة، 1000 دولار شهريًّا لدفع إيجار منزل في الخارج للطلاب، إضافة الى الطلبات التي تقدّمها الشركات التي تستورد المنتجات الغذائية والمستلزمات الطبية، من خارج تلك المنصوص عليها بالسلّة الغذائية.
لا يسمي أمين سر نقابة الصيارفة محمود حلاوي ما حصل الأسبوع الماضي فشلا، فالهدف بحسب رأيه كان إشراك المواطنين بالاستفادة من عملية ضخ الدولارات التي يقوم بها المصرف المركزي بالسوق يوميا، فليس كل المواطنين يقسّطون منازل خارج لبنان، وليس جميعهم من يملكون مساعدة منزليّة عليهم دفع راتبها بالدولار. يشير حلاوي في حديث لـ”النشرة” الى أنّ الهدف من الآليّة تحقق، حتى وإن باع المواطن الـ200 دولار بالسوق السوداء، فحجم هذه الأموال لا يؤثر على سعر السوق، مشدّدا على أن المشكلة كانت بتضاعف عدد الراغبين بالحصول على الدولارات وهو ما أدّى لتوقّف الخدمة، نظرا لوجود أولويّات.
يحتاج السوق اللبناني يوميا الى حوالي 10 مليون دولار لتمويل حاجات الإستيراد، وبالتالي ستبقى السوق السوداء ناشطة طالما لم تُؤمّن هذه المبالغ، وهذا بطبيعة الحال ما لا يمكن القيام به كون التحويلات الماليّة التي تدخل لبنان يوميا انخفضت من حدود الـ15 الى حدود الـ4 او 5 مليون دولار، وبالتالي فإنّ عملية الضخّ التي يقوم بها المصرف المركزي تؤمّن نصف حاجة السوق، وتحديدا للأشخاص الذين حدّدتهم النقابة المذكورة، وتتولى السوق السوداء النصف الآخر، أي اولئك الذين لم تطالهم عملية الضخّ، كمستوردي الألبسة وقطع غيار السيارات.
يشير حلاوي الى أننا “نؤمّن عبر مصرف لبنان 4 مليون دولار، وهذه الاموال لا علاقة لها بموجوداته، بل هي نتيجة التحويلات اليوميّة الى لبنان عبر مؤسسات التحويل”، متوقّعا أنّ فتح المطار سيُريح السوق قليلا كونه سيساهم بعمليّة دخول الدولارات الى البلد.
يرى حلاوي أن المبالغ التي يمكن أن تؤثّر بالسوق السوداء لا يجب أن يتعدى حجمها الـ2 مليون دولار يوميا، وبالتالي فإنّ العمليّات الماليّة الصغيرة لا تحقق الفرق بالسوق السوداء، مشددا على أن نجاح ما يحاولون القيام به يحتاج الى النجاح في نقاط ثلاث، هي استمرار الضخ، التشدّد بالامن لقمع السوق المخالف، وترشيد استهلاك الدولار والاستيراد، لأنّ الرفاهية لم تعد متوفّرة، وبالتالي الاستيراد يجب أن يتركّز على المواد الغذائيّة والطبّية، لا على الامور المتعلقة بالرهافيّة.
يستقبل الصيارفة طلبات الحصول على الدولار، وتتحوّل بالنسبة لبعض الخدمات، كالحصول على 500 دولار لتسديد دفعة قرض في لبنان بالدولار، الى لجنة خاصة يشكل المصرف المركزي عامودها الفقري، لتتّخذ القرارات بشأن الموافقة من عدمها، والموافقة لا تكون على إسم طالب المال، بل على أساس وجهته.
وصل سعر صرف الدولار في السوق المُخالفة الى 5500 ليرة، وسيستمر بالارتفاع التدريجي بحال استمرت عمليّات الإستيراد من الخارج بنفس الحجم.