بعد زيارته الصين، صرّح الوزير جوني قرم بأن الدولة الصينية قدّمت مساعدة مالية للبنان بقيمة 40 مليون دولار، وأن وزارة الاتصالات تحاول الحصول على جزء من هذه المساعدة. فُهم الأمر بأن المساعدة «طازجة» وأن القرم عمل عليها في زيارته الأخيرة للصين، إنما الواقع هو أن نصف هذه المساعدة قديم وحصل عليها لبنان منذ سنوات عبر «الوكالة الصينية للتعاون التنموي الدولي» (CIDCA)، ثم حصل على 20 مليون دولار إضافية في 28 نيسان الماضي، أي قبل أسابيع من سفر الوزير إلى الصين، إذ عرض حينها مجلس الإنماء والإعمار، على مجلس الوزراء، طلب قبول هبة «مقدمة من حكومة جمهورية الصين الشعبية في إطار اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين وتفويض رئيس الوفد اللبناني الذي سيشارك في مؤتمر التعاون العربي الصيني (في أيار الماضي) هاني شميطلي، بتوقيع الاتفاقية على أن يبقى مجلس الإنماء والإعمار هو الجهة المنفذة للهبة».
وهذه الهبة قيمتها 150 مليون يوان صيني أو ما قيمته 20.7 مليون دولار، وإنفاقها مماثل للهبة السابقة، أي عبر مشاريع مشتركة يتوافق عليها بين الحكومتين.
هذا المبلغ فتح شهية الوزارات لإعداد مشاريع، بينما كانت وزارة الاتصالات تسعى إلى الحصول على حصّة الأسد منه. يُقال إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وافق على أن تصل حصّة مشاريع الاتصالات إلى أكثر من 20 مليون دولار، بينما هناك مشاريع أخرى يتم إعدادها في وزارة الأشغال – مطار بيروت، وفي وزارة الصحة، وفي وزارات أخرى للاستفادة من هذه الهبة. وفي العادة، تعمل «الوكالة الصينية للتعاون التنموي الدولي» مع جهات رسمية مماثلة لها في الدول، أي مؤسسات تنموية موجودة في البلد، لذلك تتعامل في لبنان مع مجلس الإنماء والإعمار. هذه الوكالة، مسؤولة عن الإشراف على المساعدات الخارجية والتعاون الإنمائي الدولي. تأسّست في نيسان 2018، وهو يدمج الوظائف التي تم توزيعها سابقاً على عدد من الإدارات الحكومية الأخرى لتبسيط جهود المساعدات الخارجية للصين. يكون التمويل والمساعدات مشروطان بعرض المشاريع على الوكالة والموافقة عليها مسبقاً قبل التمويل، بمعنى أنه ليس تمويلاً غير مشروط بل يأتي على حسب مشاريع معيّنة.
ومن الممكن فهم النهج الذي تتبناه CIDCA في التعامل مع التمويل، بما في ذلك ما إذا كان يفرض شروطاً مسبقة، في السياق الأوسع لإستراتيجية الصين في مجال المساعدات الخارجية والتعاون التنموي. وبشكل عام، تؤكّد الصين على مبادئ مثل عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المتلقية، والاحترام المتبادل، والمساواة. ومع ذلك، فإن المشروطية في التمويل لا تزال تلعب دوراً، وخاصة في ضمان إدارة المشاريع بفعالية وتحقيق أهدافها.