يترقّب موظفو القطاعين العام والخاص إقرار موازنة العام 2024 أملاً بإنصافهم بضريبة الدخل المفروضة عليهم والتي تكرس حالياً إجحافاً كبيراً بحق الفئتين يُضاف إلى ترسيخ التمييز بينهما. وأكثر من ذلك، فضريبة الدخل بموجب موازنة العام 2022 لم تكن مُنصفة لأسباب عديدة على رأسها الشطور الضريبية غير العلمية والتي تصل فيها نسبة الإقتطاع الضريبي إلى 25 في المئة على الرواتب المتوسطة.
كما أن الأرقام والشطور الضريبية في موازنة 2022 كانت متلاعباً بها بحسب مصدر نيابي من لجنة المال والموازنة، وتعتمد آلية غير منطقية من شـأنها تغيير النظام الضريبي، من هنا عمدت اللجنة الى إدخال تغييرات جوهرية على موازنة 2024 لجهة ضريبة الدخل على الموظفين، فهل خففت التغييرات العبء الضريبي عن الموظفين؟
تعديل ضريبة الدخل
اعتمدت لجنة المال والموازنة معياراً موحداً لضريبة الدخل، وأعادت كل الارقام إلى موازنة 2019، وليس لموازنة 2022 لتجاوزها الأصول وعدم صوابية تحديد الشطور الضريبية. استندت لجنة المال إلى الشطور الضريبية المحددة على أساس سعر 1500 ليرة للدولار الواحد بموجب موازنة 2019 وضاعفت في موازنة 2024 سعر الصرف المعتمد بالشطور نحو 60 مرة أي أنها اعتمدت سعر الصرف الرائج حالياً وهو 89500 ليرة. كما زادت اللجنة كل ما له علاقة بالشطور التي تحتسب الضريبة على أساسها.
ولأن الشطور الضريبية السابقة كانت مجحفة بحق الموظفين، على ما يقول أحد أعضاء لجنة المال والموازنة، فقد تم توسيعها بشكل يخفف العبء الضريبي على الموظفين إذ كانت تصل في موازنة 2022 نسبة ضريبة الدخل على الرواتب الدولارية الى 25 في المئة وهي نسبة عالية جداً.
الشطور الجديدة
وبحسب التغييرات الأخيرة في موازنة 2024 تبدأ الشطور في ضريبة الدخل بالنسبة للرواتب والأجور من 2 في المئة وتصل الى 25 في المئة كما كانت سابقاً لكنها تختلف من حيث توسعة الشطور. بمعنى آخر، يقع في الشطر الأول أي 2 في المئة من تصل قيمة وارداته الصافية الخاضعة للضريبة الى 360 مليون ليرة.
الشطر الثاني يبلغ 4 في المئة ويطال من تتراوح قيمة وارداته بين 360 مليون ليرة و900 مليون ليرة.
الشطر الثالث يبلغ 7 في المئة ويطال من تتراوح قيمة وارداته بين 900 مليون ليرة ومليار و800 مليون ليرة.
الشطر الرابع يبلغ 11 في المئة ويطال من تتراوح قيمة وارداته بين مليار و800 مليون ليرة و3 مليارات و600 مليون ليرة.
الشطر الخامس يبلغ 15 في المئة ويطال من تتراوح قيمة وارداته بين 3 مليارات و600 مليون ليرة و7 مليار و200 مليون ليرة.
الشطر السادس يبلغ 20 في المئة ويطال من تتراوح قيمة وارداته بين 7 مليار و200 مليون ليرة و13 مليار و500 مليون ليرة.
الشطر السابع والأخير يبلغ 25 في المئة ويطال كل من تزيد قيمة وارداته الصافية الخاضعة للضريبة عن 13 مليار و500 مليون ليرة.
وإلى جانب توسيع الشطور جرى رفع التنزيلات العائلية. فكانت هذه التنزيلات 7 ملايين و500 ألف ليرة عن الموظف وملونين و500 الف ليرة عن الزوجة غير العاملة و500 الف ليرة عن كل ولد. وقد ضاعفت لجنة المال التنزيلات العائلية 60 مرة بمعنى في حال كان الموظف يتقاضى سنوياً 450 مليون ليرة، على سبيل المثال، يكون معفى من ضريبة الدخل.
باختصار يقول المصدر، تم توسيع الشطور الضريبية ورفع التنزيلات العائلية في مقابل احتساب الضريبة على سعر الصرف الرائج أي 89500 الف ليرة، وبرأيه فإن هذه الآلية من شأنها تخفيف العبء الضريبي عن الموظفين.
لكن في المقابل من المتوقع أن تلقى تلك التعديلات اعتراضات واسعة من موظفي القطاع الخاص، لإخضاعهم إلى ضريبة دخل محتسبة على أساس سعر الصرف الفعلي في حين أن تعويضاتهم لنهاية الخدمة يتم احتسابها حتى اليوم على أساس سعر الصرف الرسمي للدولار من دون تغيير. بالإضافة إلى الغبن اللاحق بعموم الموظفين الذين يفتقدون لأي تقديمات طبية أو اجتماعية أو تعليمية كما يفتقدون للأمان التقاعدي.
إشكال حول ضريبة الدخل
يقع إشكال في لجنة المال حول المادة 25 من موازنة 2024 وقد تم تعليق النقاش فيها لوجود أكثر من اقتراح في مجلس النواب بشأن سعر الصرف المعتمد في ضريبة الدخل. وبحسب هذه المادة كانت الرواتب المقومة بالدولار تُحتسب سابقاً على أساس 8000 ليرة للدولار في جزء منها وعلى أساس 15 الف ليرة للدولار في جزء آخر منها ولم تكن تُحتسب على السعر الفعلي، أما موازنة 2024 فقد ألزمت وزارة المال على احتساب الضريبة على السعر الفعلي في مقابل تعديل الشطور.
لكن اعتراضات تركزت على تأثير تلك الضريبة على تعويضات نهاية الخدمة بمعنى ان الموظف الذي يتقاعد فإن تعويضه يجب ان يتقاضاه على الراتب الاخير وهو الراتب المدولر؛ من هنا اعترض عدد من النواب لما لذلك من تأثير سلبي على الشركات والمؤسسات الخاصة.
بناء عليه، اقترح بعض النواب ان يتم احتساب تعويضات نهاية الخدمة حتى العام 2023 على اساس سعر صرف 15 الف ليرة للدولار وبدءاً من العام 2023 تُحتسب التعويضات على أساس سعر الصرف الفعلي. لكن هذا الاقتراح ُرفض من نواب آخرين إذ يرى البعض ان حماية الشركات من الافلاس ومن تحمل العبء هو امر مهم، لكن لا بد في المقابل من حماية المواطن من ازدواجية المعايير. فمن الذي حدد ان المعيار 15 الف ليرة؟
ويعلق المصدر على هذا الإقتراح بالسؤال عن عدم المساواة بين القطاع الخاص والقطاع العام حيث يتقاضى الموظفون تعويضاتهم حالياً على اساس سعر الصرف السابق 1500 ليرة. من هنا تم تعليق النقاش بهذه المادة من الموازنة.
ويبقى أحد أهم البنود التي تم إلغاؤها من موازنة 2024 في لجنة المال والموازنة هو البند الذي يمنح وزير المال والحكومة صلاحية تعديل الشطور الضريبية حينما يرون ذلك متناسباً مع تغير سعر الصرف، فتم جريد وزير المال والحكومة من هذه الصلاحية.
ويُضاف إلى التعديلات الضريبية في موازنة 2024، مضاعفة الرسوم والغرامات بقيمة 46 مرة وليس بشكل متفاوت كما كانت الحال قبل التعديل، أما الـ46 ضعفاً فتعود إلى معيار التضخم وليس معيار انهيار الليرة.