تسارعت إجراءات وخطوات إقرار مشروع موازنة العام 2019 بالتوازي مع إجراءات وخطوات البدء بمعالجة ملف الكهرباء، وكُشف المستور في ملف التوظيف السياسي العشوائي، وكلها تحت ضغط وأنظار ومراقبة مسؤولي البنك الدولي والدول المانحة في مؤتمر “سيدر” الاقتصادي الفرنسي، الذين ألمحوا أكثر من مرّة إلى انعدام الثقة بأداء الدولة اللبنانية ورغبتها الحقيقية في إجراء الإصلاحات المالية المطلوبة والإدارية ومكافحة الفساد، وعلى رأس الإصلاحات خفض عجز الموزانة وفي أساسه عجز الكهرباء نظراً لارتباطهما حيث يشكّل عجز الكهرباء وحده نحو ثلث قيمة عجز الخزينة.
ويبدو أن الضغط الدولي – لا ضغط الأزمات الكبيرة التي يرزح تحتها اللبنانيون من متوسطي وفقراء الحال – هي التي حرّكت ضمائر المسؤولين ليباشروا في إنقاذ ما يُمكن إنقاذه من وضع مالي واقتصادي بلغ حدّ الانهيار، ومن هنا كان حضور ممثلي البنك الدولي قبل يومين من اجتماع اللجنة الوزارية للبحث في خطة الكهرباء، لمراقبة النقاش والتوجهات وجدّية العمل في معالجة الملف من دون مناكفات سياسية وبجدية وتقنية من دون تأخير.
وتفيد مصادر وزارية أن الهدف من خفض عجز الموازنة هو تطبيق مقررات مؤتمر “سيدر” وتوصيات ومطالب الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية، بحيث يُمكن أن يسفر ذلك عن وفرة مالية وثقة تؤديان إلى استعادة بعض الثقة من قبل المستثمرين بإجراءات الدولة، لا سيّما بعد حملة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد الواسعة التي شملت القضاء، وهو المرجع الأول للمتخاصمين في مواضيع وقضايا التجارة والاستثمار، إضافة إلى شمولها القوى الأمنية والدوائر العقارية وإدارات أخرى مهمّة مرتبطة بحياة وأعمال اللبنانيين والأجانب الراغبين بالاستثمار أو القيام بمشاريع معينة.
وتشير المصادر إلى أن توفير ملياري دولار ونصف المليار من عجز الكهرباء يؤدي تلقائياً إلى خفض خدمة الدين العام، وهو أيضا مطلب دولي، ولذلك يُتوقع بعد إنجاز وزير المال التخفيضات اللازمة على مشروع الموازنة أن يستعجل رئيس الحكومة طرحها على مجلس الوزراء بعد وصولها منقّحة إلى السرايا الحكومية خلال يوم أو يومين على الأكثر، ما يعني أنها ستُناقش في مجلس الوزراء الأسبوع المقبل بعد توزيعها على الوزراء، ويفترض أن ينتهي المجلس منها قبل نهاية هذا الشهر، حيث أن قانون الصرف على أساس القاعدة الإثني عشرية الذي أقره المجلس النيابي الشهر الماضي، تنتهي مفاعيله في 31 أيار المقبل، ما يعني أنه في حال عدم إقرار الموزانة قبل هذا التاريخ تعود المشكلة القديمة أمام وزارة المالية بعدم القدرة على صرف أي اعتماد لحين إقرار الموازنة الجديدة، وهذا يعني في حال حصول التأخير، المزيد من الجمود الاقتصادي والانكماش وهروب المستثمرين الراغبين بالعمل في لبنان.