يتوقع أن تعلن بكين الثلاثاء عن تحقيق انتعاش اقتصادي مع نشرها أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول منذ إلغاء قيود «كوفيد» التي تسببت بتقويض النمو أواخر العام الماضي. وأدت سياسة «صفر كوفيد» التي اتبعتها الصين لاحتواء فيروس كورونا وما تضمنته من قيود صارمة شملت الحجر الصحي والاختبارات الجماعية ومنع السفر، إلى عرقلة النشاط الاقتصادي في البلاد، قبل اتخاذ السلطات قراراً مفاجئاً بإلغاء هذه السياسة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وسيعطي الكشف عن الأرقام الثلاثاء أول مؤشر منذ عام 2019 عن اقتصاد صيني غير مرتبط بقيود «كوفيد»، حيث يتوقع محللون تحدثوا إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أن يبلغ معدل النمو 3.8 في المائة على أساس سنوي في الفترة من يناير (كانون الثاني) حتى مارس (آذار) الماضيين.
لكن الاقتصاد الثاني في العالم لا يزال يعاني سلسلة أزمات أخرى، من الديون التي تثقل القطاع العقاري إلى ضعف ثقة المستهلكين والتضخم العالمي وخطر الركود في دول أخرى. وقال لاري هو، كبير الاقتصاديين المختصين بالصين في بنك «ماكواري» الاستثماري، إن «الانتعاش حقيقي، لكنه لا يزال في مرحلة مبكرة». وأضاف، أن أي انتعاش «سيكون بشكل تدريجي، ويعود ذلك في الغالب إلى ضعف ثقة» المستهلكين؛ ما يجعل الشركات بدورها «مترددة» في التوظيف.
وحددت بكين لنفسها هدفاً متواضعاً على صعيد النمو يبلغ نحو 5 في المائة هذا العام، وهو هدف حذر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ من صعوبة تحقيقه. وفي حين أن العديد من الخبراء يميلون إلى التشكيك بالأرقام الرسمية للصين، إلا أن معظمهم يتوقعون أن تصل بكين إلى هذا الحد. وتوقع استطلاع آراء أجرته وكالة الصحافة الفرنسية مع محللين، أن ينمو الاقتصاد الصيني بمعدل 5.3 في المائة هذا العام. وهذا يتماشى تقريباً مع توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 5.2 في المائة.
ومع ذلك، حذر محللون من أن التوترات العالمية قد تؤثر على تعافي الصين، وبخاصة التصعيد مع الولايات المتحدة والركود الذي يهدد اقتصادات كبرى أخرى والتضخم العالمي المتسارع. ونما الاقتصاد الصيني بنسبة ثلاثة في المائة فقط خلال العام الماضي بأكمله، وهو أضعف أداء منذ عقود. ومن جهة أخرى، أبقى البنك المركزي الصيني يوم الاثنين على سعر الفائدة على آلية التمويل متوسطة الأجل عند مستواها الحالي دون تغيير، مع ضخ المزيد من السيولة النقدية في النظام المالي الصيني.
وضخ بنك الشعب (المركزي) الصيني أمس 170 مليار يوان في النظام المالي عبر آلية التمويل متوسطة الأجل التي تصل مدتها إلى عام. كما أبقى على سعر الفائدة على هذه الآلية عند مستوى 2.75 في المائة.
وقال إيرس بانغ، المحلل الاقتصادي في «آي إن جي»، إن قرارات البنك المركزي الصيني تشير إلى أنه غير قلق بشأن وتيرة تعافي الاقتصاد الصيني. وأضاف، أن تحرك البنك المركزي سيعطي قدراً من الراحة للسوق التي تنتظر حالياً أن تكون بيانات الناتج المحلي للصين خلال الربع الأول من العام الحالي متفقة مع التوقعات المعلنة.