يجهد المعنيون بالأزمة المالية والنقدية في البلاد، في تكثيف الاجتماعات والمفاوضات لوضع خريطة طريق تنقل لبنان من حالة الركود والجمود إلى حالة النمو.
من هنا، إن التعديلات المطروحة على “قانون النقد والتسليف” التي وضعتها لجنة من الخبراء وسلّمت نسخة منها إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ليست سوى خطوة أولى في مسار خريطة الطريق الإنقاذية والحدّ من الأزمة المالية والاقتصادية بعدما تم الكشف عن اتصالات تُعقد بعيداً عن الأضواء لحل الأزمة العالقة.
“لا بد من اتباع خطة واضحة”، يقول أحد خبراء المال لـ”المركزية”، لكنه يشدّد على وجوب تجاوز سلسلة لاءات تحتّم العبور من الركود إلى النمو، وهي:
– لا استثمار من دون تمويل.
– لا تمويل من دون تسليف.
– لا تسليف من دون مصارف.
– لا مصارف من دون سيولة.
– لا سيولة من دون مودِعين.
ويُضيف: لا بد من أن تكون البداية بضمان الودائع وتأمينها للمودِعين… وإلا لا نهوض للقطاع المصرفي إطلاقاً.
في غضون ذلك، طفت إلى واجهة التعقيدات، معادلة “الودائع المؤهَّلة” و”الودائع غير المؤهَّلة”، إذ يُقرّ أحد الفاعليات المالية بأنه “لا يوجد في قاموسنا ما يُسمّى بوديعة “مؤهَّلة” وأخرى “غير مؤهَّلة” أي مَن حوّل وديعته من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي في مرحلة ما بعد الأزمة النقدية أو بعد ثورة تشرين”.
ويقول: يُفترَض التفرقة بين صاحب الوديعة من جهة، والمستثمر من جهةٍ أخرى. إذ إن أموال المودِعين مقدَّسة وسيتم استردادها وفق آلية نعوّل عليها، أما ودائع المستثمرين فستخضع لآلية تختلف عن آلية المودِعين.
مصدر قانوني يحذّر…
لكن هذا الكلام لم يلقَ تأييد الوسط الحقوقي… إذ يشدّد مصدر قانوني رفيع عبر “المركزية” على “وجوب عدم ذرّ الرماد في العيون، وعدم استعمال أفكار “صحيحة” لأغراض “غير مفيدة” ولا تصبّ في مصلحة القطاع المصرفي”.
ويُشير إلى أن “الودائع “غير المؤهَّلة” هي كذلك بصرف النظر عن وجود أزمة مصرفية أو عدمه”، ويقول “إذا كانت الودائع فعلاً “غير مؤهَّلة” يجب على السلطات المالية والقضائية اتّباع الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الخصوص. لكن اللجوء إلى إثارة موضوع الودائع “غير المؤهَّلة” في سياق البحث عن حلّ أو خطة للأزمة القائمة، يؤدي إلى تفاقم الأزمة وليس إلى حلّها، وبالتالي يزيد من زعزعة ثقة المودِعين بالنظام المصرفي اللبناني“.
…”فلتقُم السلطات المالية والقضائية بدورها بصمت واحتراف وتبحث عن حلّ للأزمة المصرفية بمنأى عن تلك الودائع” بحسب المصدر القانوني.
ويتساءل في هذا الإطار “لو لم تكن هناك أزمة مصرفية، لما كان من واجب السلطات المالية والقضائية القيام بدورها في حلّ مشكلة الودائع “غير المؤهَّلة”؟! لكن ربط حلّ الأزمة المصرفية بالودائع “غير المؤهَّلة” هو إطار لإضاعة الوقت وزيادة الخلل في الثقة بالقطاع المصرفي…!
من هنا “فلتقُم السلطات المذكورة بدورها بصمت وتعمل على التفتيش عن حلول للأزمة” يختم المصدر القانوني.