بعد توقف عن العمل امتد لأكثر من سنة، كان يفترض أن تعود الدوائر العقارية في جبل لبنان (جبيل وكسروان والمتن وبعبدا وعاليه والشوف) إلى انتظام العمل فيها، بعد قرار تكليف وزير المالية يوسف الخليل نحو خمسين موظفاً لتسيير الدوائر العقارية في جبل لبنان، وفق الجداول التي اطلعت عليها “المدن”.
إجراء ضروري لتحصيل إيرادات
فبناء على ضرورات العمل، ووفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، ونظراً للحاجة الملحة لتسيير العمل في المديرية العامة للشؤون العقارية، نقل الخليل مؤقتاً نحو خمسين موظفاً من المديرية المالية العامة إلى المديرية العامة للشؤون العقارية. وجل هؤلاء الموظفين من مالية جبل لبنان، والبعض من بيروت. ويفترض أن يبدأ العمل في هذه العقاريات يوم الإثنين المقبل، لكن في حال عدم إقرار مرسوم دفع الحوافز اليومية للموظفين، ستعود وتقفل الدوائر العقارية أبوابها أمام المواطنين.
وتعلق مصادر مطلعة بأن هذا الإجراء نقل مشكلة عدم انتظام العمل من الدوائر العقارية إلى الدوائر المالية. فالمالية بحاجة لموظفين في الأساس، ونقل العديد منهم إلى العقارية يؤدي إلى خلل في عمل الدوائر المالية. لكن هذا الإجراء ضروري لرفع إيرادات الدولة في ظل تكدس المعاملات في العقاريات منذ سنوات. والسبب هو لجوء الموظفين إلى الإضراب وعدم الحضور إلى العمل إلا ليوم أو يومين بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية، ووضع المعاملات في الأدراج لابتزاز المواطنين لدفع الرشاوى. وبعد انكشاف ملف الفساد الكبير في الدوائر العقارية، كانت النتيجة توقيف عشرات الموظفين وسوقهم إلى قوس المحكمة. ومنهم من أخلي سبيله بعد دفع غرامات، ومنهم من مازال موقوفاً ومنهم من هرب إلى خارج لبنان. وتعطلت الدوائر العقارية وما زالت مقفلة أمام المواطنين منذ قرابة العام.
تجميد الحوافز للموظفين
وبعيداً من هذا الإجراء، سيعقّد العمل في الدوائر المالية لصالح عودته إلى الشؤون العقارية، إلا أن التسريبات حول تجميد المرسوم المزمع توقيعه لدفع بدل الحوافز المالية اليومية لموظفي الإدارة العامة، قد يؤدي إلى توقف العمل ليس في العقارية، بل بكل الإدارات. وقد سرب العسكريون المتقاعدون محضر اجتماع عقدته رابطتهم مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مساء أمس الخميس، لشرح الغبن اللاحق بهم من عدم شمل العسكريين والمتقاعدين بالحوافز. وتقرر تشكيل لجنة لإعادة النظر بالمرسوم وتعديله لتأمين العدالة والمساواة بين كافة الموظفين في الخدمة والتقاعد.
هذه التسريبات انعكست على موظفي الإدارة الغارقين بخلافات كبيرة وشرخ مع المدراء الذين قرروا فك الإضراب قبل إقرار المرسوم. وتلفت مصادر مطلعة إلى وجود خلافات كبيرة بين المديرين في وزارة المالية، أي بين الفريق الذي كان يصر على الاستمرار بالإضراب وعدم العودة إلى العمل الإثنين الفائت، وبين مديرين من محابي الرئيس ميقاتي، الذين وعدوه بفك الإضراب. والفريق الأول بات أكثر تشدداً بالعودة إلى الإضراب، بعد التسريبات الإعلامية حول تجميد المرسوم، فيما مدير عام المالية بالتكليف جورج المعرواي ومدير الواردات لؤي الحاج شحادة يصران على أن المرسوم سيقر يوم الثلاثاء المقبل، وأن كل ما يشاع مجرد تسريبات إعلامية لا أساس لها، وأن الأمور تسير بشكل جيد.
خلافات بين مدراء المالية
وتشرح المصادر، أن المدراء أقنعوا الموظفين باللجوء إلى الإضراب للحصول على مرسوم بالحوافز شبيه بما حصل عليه الأساتذة، قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء السابقة نهاية الشهر الفائت. وقد دعوا لتنفيذ الإضراب بعدما وصلتهم معلومات أن المرسوم سيقر، ما يجعلهم يخرجون كأبطال أمام الموظفين. ثم عقدت الجلسة ولم يقر المرسوم حينها، فاصطدم المدراء ببعضهم البعض، لأن أصابع الاتهامات كانت توجه إليهم أنهم خذلوا الموظفين.
وتكشف المصادر أنه خلال الاجتماع الذي عقد على واتساب بين المديرين دارت خلافات بينهم واتهم البعض المدير العام ومدير الواردات أنهما يسايران ميقاتي على حسابهم وحساب الموظفين، ويريدان العودة إلى العمل، لأن الأول موعود بأن يصبح مديراً عاماً للمالية بالأصالة (حالياً بالتكليف) والثاني موعود برفع منصبه ليصبح مديراً عاماً لإحدى الإدارات.
عقب هذه الخلافات وضعت “اللجنة الوزارية لانتظام العمل في القطاع العام” مشروع مرسوم الحوافز اليومية لجميع العاملين في الإدارات العامة. وعاد الموظفون إلى العمل يوم الإثنين الفائت. وأمل الموظفون بأن يقر المرسوم يوم الثلاثاء المقبل. ورغم عدم الرضى الكبير على شروط الحوافز (الحضور الإلزامي كل أيام الشهر تحت طائلة الحرمان منها، وضريبة دخل بنحو 25 بالمئة عليها، في وقت لا يدفع الموظفون في وزارة التربية والأساتذة أي ضريبة على الحوافز) تفيد التسريبات أن الميقاتي وعد العسكريين بتجميد إقرار المرسوم. ما يعني العودة إلى الإضراب في حال صحة التسريبات.
وتؤكد المصادر، أن الموظفين سيذهبون إلى العمل يوم الإثنين طالما أن الوعد هو إقرار المرسوم يوم الثلاثاء. وفي حال أجّل الميقاتي المرسوم، يذهب الموظفون إلى الإضراب العام إلى حين إقرار المرسوم. وتتعطل الإدارات والعقارية ضمناً قبل عودة انتظام العمل إليها. لكن العقارية ستكون بمثابة سلاح فعّال للضغط من أجل إقرار مرسوم الحوافز نظراً لحاجة الدولة إلى الإيرادات الكبيرة التي ستحصلها منها بعد توقف العمل لأكثر من سنة فيها. ومن شأن إيراداتها امتصاص كلفة الحوافز.