في ظل فترة الركود التي تشهدها السياحة التقليدية في العالم، تبحث مصر عن تنويع سياحتها التي كانت تعتمد بالأساس على الشاطئ والثقافة التراثية والتاريخية، وذلك من خلال بعث قرى سياحية جديدة تتنوع فيها النشاطات وتعتمد بالأساس على الترفيه.
تسعى مصر إلى تنويع مقاصدها السياحية مستغلة حالة الرواج التي حققها قطاع السياحة خلال الأعوام الماضية. وركزت جزءا مهمّا من مشروعاتها الاستثمارية في هذا المجال على ساحل البحر المتوسط، بعد أن كان الاهتمام منصبا على السياحة الشاطئية التي ارتبطت بمدن شرم الشيخ والغردقة والعين السخنة على البحر الأحمر.
وعمدت الحكومة المصرية مؤخرا إلى تسريع وتيرة العمل لتحويل مدينة العلمين الجديدة على الساحل الشمالي الغربي للبحر المتوسط إلى منطقة جديدة جاذبة للسياح.
وركزت في حملتها الترويجية على جذب سياح العالم، ممن لديهم الشغف بسياحة الترفيه، وعدم الاكتفاء فقط بالسياحة الشاطئية والثقافية التي تتمتع بها مصر منذ سنوات طويلة.
وتمتلك المدينة موقعا متميزا على ساحل البحر المتوسط، إذ تبعد 128 كيلومترا عن مدينة الإسكندرية، وتشكل امتدادا لمحور القرى السياحية في منطقة الساحل الشمالي والتي تجذب السياحة الداخلية خلال إجازة الصيف، وتحتل مساحة 48 ألف فدان، وتشكل واجهة مطلة على البحر بطول 14 كيلومترا، لتصبح نموذجا للمدينة الساحلية المتكاملة، تقوم على بنية تحتية متطورة بفضل الاعتماد على أحدث التكنولوجيا العالمية في تشييد المدن.
وتمضي الحكومة في طريقها نحو تحويل شريط الساحل الشمالي الغربي الذي يبدأ من محافظة الإسكندرية إلى محافظة مرسى مطروح إلى بقعة سياحية. وتتوسع في إقامة المنتجعات في تلك المنطقة، بدأتها بمدينة العلمين الجديدة وينتظر أن تلحقها بمدينة رأس الحكمة (غربا)، لتكون وجهة منافسة للمقاصد العالمية المطلة على المتوسط.
ولا تنفصل تلك الجهود عن خطط الحكومة لتحويل مدينة مرسى مطروح القريبة من الحدود الغربية إلى منطقة جذب للسياحة الأجنبية بعد أن ظلت على مدار تاريخها مقتصرة على السياحة الداخلية.
وناقش وزير السياحة والآثار خالد العناني أخيرا إجراءات تطوير 34 فندقا بطاقة فندقية سعتها أربعة آلاف غرفة.
وتعد مرسى مطروح من المحافظات التي تم استئناف حركة السياحة الدولية إليها في الأول من يوليو الماضي، مع كل من الغردقة وشرم الشيخ.
وقال العناني، إن الحكومة غيّرت نظرتها إلى القرى السياحية على الساحل الشمالي، بعد أن كانت الاستثمارات موجهة في السابق إلى السياحة الداخلية، وقررت التوسع في التعاقد مع شركات عالمية وبناء مواقع تُنافس المقاصد السياحية الشهيرة.
وتمتاز الشواطئ المطلة على البحر المتوسط برمالها البيضاء الممتدة، والتي تدفع نحو الاسترخاء مع نسيم المياه الزرقاء الصافية، إلى جانب أنها تحتل موقعا استراتيجيا قريبا من دول الاتحاد الأوروبي، ولديها سمعة جيدة لدى السائح العربي الذي مازال مرتبطا بالإسكندرية وامتدادها على الساحل وصولا إلى مدينة مرسى مطروح.
وخططت الحكومة للمدينة الجديدة لتكون منطقة جاذبة للسكان، ودشّنت مبنى حكوميا ضخما تعقد فيه اجتماعاتها لتؤكد أنها جادة في التوجه مستقبلا نحو هذه البقعة، وتسعى لتوطين المواطنين بما يساعد على تحويلها إلى مكان جاذب للسياحة والعمل على مدار العام.
ويراهن العديد من رجال الأعمال الذين ألقوا بثقلهم للاستثمار في تلك المنطقة على أن يتحول الساحل الشمالي إلى منطقة تندمج وتتناغم فيها ثقافات البحر المتوسط، لتصبح مركزا عمرانيا له مواصفات خاصة.
وبدأت في تدشين دار جديدة للأوبرا إلى جانب بدء العمل على إنشاء مسرح روماني، وأضفت جانبا تاريخيا على المكان بنقل مسلة رمسيس الثاني لتكون في درة مدينة العلمين الجديدة.
وتحاول مصر استعادة السياح الإنجليز والألمان والإيطاليين الذين غابوا عن مناطق شرم الشيخ منذ حادث سقوط الطائرة الروسية عام 2015.
ووجدت أن استعادة هؤلاء السياح قد تكون صعبة في تلك المنطقة، ما جعلها تولي اهتماما بسياحة اليخوت على ساحل البحر المتوسط بالقرب من المدينة الجديدة التي تبعد خطوات قليلة عن منطقة مراسي.
ونظمت وزارة السياحة بالتعاون مع شبكة “سي.أن.أن” حفلا بمدينة العلمين الجديدة لمغني الراب الأميركي الشهير “راس”.
ودشنت الوزارة حملتها الترويجية للمدنية من خلال حوار أجرته القناة الأميركية مع المطرب الشهير والذي تضمن أيضا الحديث عن بعض تجارب السياح الذين جاؤوا إلى المدينة.
وبلغت نسبة الإنجاز الكلي للمدينة الجديدة حوالي 60 بالمئة، وتعمل الشركات الاستثمارية على الانتهاء من إنشاء 15 برجا بارتفاعات تصل إلى 42 دورا بمنطقة الأبراج الشاطئية خلال العام المقبل.
ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى في الممشى السياحي خلال هذا العام، إلى جانب الانتهاء من تنفيذ المنطقة الترفيهية التي تتوسط منطقة الأبراج الشاطئية.
وقال عضو مجلس إدارة غرفة الشركات السياحية، علاء الغمري، إن القاهرة تستهدف إقامة مناطق جديدة جاذبة للسياحة العربية التي تتوافد إلى منطقة الساحل الشمالي.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن التوجه خلال الفترة المقبلة سيكون من خلال إقامة الأنشطة الترفيهية على ساحل البحر المتوسط، على غرار الرياضيات المائية التي تلقى قبولا من السياح على شاطئ البحر الأحمر، إلى جانب توفير بنية تكنولوجية متطورة تساهم في جذب طبقات غابت عن المدن السياحية السنوات الماضية.
وسعت العديد من شركات التطوير العقاري العاملة في مدينة العلمين الجديدة إلى إطلاق جولات افتراضية للأبراج المقامة في المدنية من أجل الترويج للإطلالات المختلفة والمتميزة لكل وحدة سواء على البحر أو البحيرات الممتدة داخل المدينة.
وتتضمن منطقة أبراج العلمين الجديدة أربعة قطاعات تتنوع في الأغراض والتصميمات لتحاكي أحدث أساليب العمارة العالمية: الأبراج الشمالية، وهي مجموعة من الأبراج التي تتمتع بإطلالتين واحدة على البحر المتوسط، والأخرى على بحيرة العلمين، إلى جانب مجموعة من الأبراج تعد البوابة الرئيسية للمشروع وتضم أبراجا على ارتفاعا يبلغ 170 مترا وتتكون من 44 طابقا.
ويحوي المشروع مبانيَ ذات ارتفاعات منخفضة في منطقة “المازارين”، وتتكون من الفيلات والتوين هاوس والشاليهات التي تطل على بحيرة العلمين أيضا، فضلا عن الشقق والوحدات المتعددة الأغراض في منطقة “الداون تاون” التي تحتوي على مراكز تجارية وترفيهية ومرافق خدمية مختلفة.
العرب اللندنية – أحمد جمال