مرّ التحذير من النقص بالعملة الصعبة من قبل أحد الوزراء منذ أيام، مرور الكرام، بحيث لم يتوقف عنده المعنيون، رغم أنه يحمل في طياته تحذيراً ممّا ينتظر لبنان واللبنانيين من أيام صعبة وقاسية من ترددات سيناريو الحرب التي تقرع طبولها منذ أكثر من أسبوعين وتتراكم مؤشراتها براً وبحراً وجواً.
وفي حال حصول دورة تصعيد غير محسوبة وحربٍ مدمرة، فإن أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة، يتوقع مشهداً مالياً عاماً متدهوراً، سيترجم من خلال عجزٍ بالموازنة، وارتفاع بسعر صرف الدولار مقابل الليرة، وتراجع مداخيل اللبنانيين، إذا استخدم العدو الإسرائيلي أسلوباً مدمرًا.
ويوضح الدكتور عجاقة، في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”، أن الليرة اللبنانية غير مستخدمة في العمليات الإقتصادية وبالتالي، فإن العملة المستخدمة اليوم هي الدولار ومصدرها السوق.
أمّا عن مصادر تمويل السوق، فيوضح الدكتور عجاقة، أنها تتركز في إيرادات القطاع السياحي وتحويلات المغتربين والدولارات “المجهولة المصدر”، وبالتالي إذا قام العدو الإسرائيلي بشنّ هجوم واسع ومدمر وفق الأسلوب المستخدم في غزة، واستهدف المرافق العامة من مطار ومرفأ، والحدود البرية مع سوريا وحولها إلى منطقة عسكرية، فإن هذا الأمر سيؤدي إلى نقص بالعملة الصعبة في السوق ما سينعكس على قدرة الحكومة على التمويل بالدولار، لأن المصدر الأساسي لها هو دولارات السوق التي تشتريها بالليرة اللبنانية التي تجبيها من خلال الضرائب التي تفرضها على المواطنين والشركات.
واليوم تراجعت مداخيل السياحة بسبب رحيل السواح، فيما اللبنانيين في الخارج يحولون الدولارات لأهاليهم وليس للحكومة، وعندما يقوم الأهالي بشراء السلع يرفدون السوق بمبالغ محدودة من الدولارات.
لذلك أذا اندلعت الحرب، يضيف عجاقة، من الممكن عندها الحديث عن نقص بالدولار لأن الحكومة سوف تستهلك المزيد من الدولارات من أجل تغطية القطاع الصحي وإيواء النازحين واستيراد الغذاء، بمعنى أنها سوف تستهلك قسمًا كبيرًا من الدولارات الموجودة لديها والتي لن تكفيها لفترة طويلة، وفي هذه الحالة سيُسجّل نقص بالدولارات.
وإذا حركت الحكومة مليارات الليرات الموجودة في حسابها رقم 36 في مصرف لبنان، حيث يجري الحديث عن رقم يفوق 100 تريليون ليرة، فإن السؤال الأساسي والجوهري في هذه العملية، هو ما سيبلغ سعر الصرف عندما ستضخّ الحكومة هذا الحجم من الليرات في السوق؟ ما سيكون له تداعيات كارثية على سعر الصرف.
وبالتالي، يؤكد عجاقة أن نقص الدولارات سيؤثر على خطة الطوارىء الحكومية التي تواجه عائقين أمام تنفيذها، الأول هو المال في ظل فرضية إقفال العدو الحدود البرية والجوية والبحرية، والثاني وهو اللوجستية، لأنه حتى لو توفر التمويل فإن التنفيذ سيصطدم بواقع إقفال الطرقات خلال الحرب.
ومن أبرز تداعيات “سيناريو حرب إسرائيلية مدمرة”، وفق عجاقة، سيكون تسجيل نقص حاد بالمواد الأساسية من غذاء ودواء ومحروقات، تليه موجة من الإحتكارات سترفع الأسعار إلى أرقام خيالية، خصوصاً وأن لبنان يستورد هذه المواد له ولسوريا على حد سواء.