في فترة زمنية لا تتعدى السنة الواحدة إنقلبت ميزانية القطاع المصرفي اللبناني خلال الفترة 2018- 2019، رأساً على عقب، حيث تبخرت ودائع القطاع التي كانت تظهر ميزانيات مصارف القطاع بالعملات الصعبة، أن قيمتها وصلت إلى 178.6 مليارات دولار، وفي منتصف العام 2019 واجهت المصارف وبشكل مفاجئ يناقض تماماً ما كان عليه الوضع في 2018، حيث أعلنت المصارف عدم توفر دولارات لديها، وأوقفت بالتالي عمليات الدفع بالدولار لأصحاب الودائع، ومنذ ذلك التاريح يتم إحتجاز ودائع الناس من دون أي إيضاح رسمي، أم تحقيق أقله لتبيان حقيقة ما جرى وما حصل، وكيف تبخرت الودائع بالعملات الصعبة التي كانت تقارب، بحسب أرقام المصارف في 2018 الـ180 مليار دولار.
ومع غياب التبرير الرسمي، وتبرير المصارف والسلطتين المالية والنقدية بخصوص أسباب تبخر الودائع خلال فترة وجيزة، فهناك من مراقبين ومتابعين محليين ودوليين من يقول، ومن يؤكد أن الذي شهده القطاع المصرفي لم يكن بالأمر المفاجئ للسلطتين المالية والمصرفية أم للمصارف، الجميع كان يتوقع هذا النهيار الدراماتيكي للمصارف، التي تمادت في تسليف دولة “مبذرة، تمتهن سياسة الفساد”.
ويشبه بعض المراقبين ما حصل لأصحاب الودايع بالدولار “بالخدعة”، فوائد خيالية من المصارف لإستقطاب الودائع وميزانيات منفوخة مع تطمينات مستمرة تؤكد على متانة وملاءة القطاع، وهذا ما ورد حرفياً في التقرير السنوي لجمعية المصارف للعام 2018.
ويذهب بعض المراقبين في توصيفهم لما حصل إلى تسميته بـ”بونزي لبناني”. تيمناً بما قام به تشارلز بونزي في عشرينيات القرن الماضي في أميركا، حيث إستولى على أموال المودعين في مصرفه بأسلوب غير قانوني، من خلال إعتماده لما أسماه بالنظام الهرمي، الذي يتلقى المستثمر من خلاله عوائد من خلال الإستثمارات الجديدة، أي عن طريق دفع فوائد للمستثمرين الأقدم من أموال المدخرين الجدد، وإيهام الناس بأنها أرباح وفوائد أموالهم، ووعد عملائه بنسبة أرباح مرتفعة في فترة زمنية قصيرة، وهذه السياسة تستمر إلى أن ينتهي هذا النظام بخسارة المودعين أموالهم، التي تذهب إلى المستثمر الأساسي.
جدير ذكره أن بونزي حوكم في الولايات المتحده، ودخل إلى السجن.