هل بات نقاش مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» لزوم ما لا يلزم كما يقول ويرى أكثر من نائب وخبير إقتصادي ومالي؟ وهل إنطلاقة النقاش اليوم في اقتراح قانون إعادة التوازن للإنتظام المالي هي فعلاً بعكس المنطق كما قال النائب وضّاح الصادق؟ وهل الربط بين القانونين واقتراح إعادة هيكلة المصارف يهدفان فعلاً إلى إيجاد الحلول للأزمة الإقتصادية والمالية المستعصية؟ أم أنّ الهدف تمرير المزيد من الوقت بانتظارالتسوية السياسية التي يفترض أن تأتي بالحلول الشاملة؟
ربّما تكون الإجابة على بعض هذه الأسئلة أو غالبيتها من خلال النتائج التي توصلت إليها اللجان النيابية المشتركة أمس في جلسة متابعة مناقشة مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» حيث شارفت اللجان وبسحر ساحر على نهايته بعدما كان يدور النقاش في جلسات سابقة في حلقة مفرغة. كذلك فإنّ الوقائع المتوفرة من داخل قاعة البرلمان ومناقشات اللجان تؤكّد أنّ تعديلات جذرية وجوهرية قد أدخلت على المشروع ما أثار استياء نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي.
وتقول مصادر نيابية متابعة إنّ الصيغة التي وردت في مواد المشروع كانت أعدّت للفترة الأولى من الأزمة بمعنى الأشهر الأولى، وبالتالي هناك الكثير من النصوص التي باتت غير ذي جدوى بعد مرور أكثر من 3 سنوات عليها.
وبما أنّ اللجان باتت في المرحلة الأخيرة من مناقشة وإقرار الـ»كابيتال كونترول»، ستتجه الأنظار والمتابعات نحو إقتراح قانون إعادة التوازن المالي الذي ستبدأ مناقشته لجنة المال والموازنة.
وقبيل تسليط الضوء على هذا الإقتراح واقتراح إعادة هيكلة المصارف من حيث الشكل، لا بد من التذكير بما أنجزته اللجان بشأن الـ»كابيتال كونترول»، وفق ما أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بعد الجلسة، حيث قال: «بقي لدينا جلسة واحدة وننتهي من مناقشته وإقراره، اليوم أصبح واضحاً أنّ القانون لا يأخذ في الإعتبار إلا حقوق المودعين بمنطق وعقلانية، نحن لم نُسلم أنّ الودائع طارت، قلنا إنّ هناك حدّاً أدنى هو 800 دولار لأنّ هناك تعميمًا أثبت لنا أنّه يمكن إعطاء المودع 800 دولار».
وأضاف: «جاءتني رسالة من جمعية المصارف تعترض على الموضوع، وهم يعتمدون سياسة التهويل، ويستخدمون أرقاماً وأنهم لا يستطيعون دفع هذه المبالغ، هذا أمر غير صحيح، فمن كان قادراً على توفير 550 دولاراً فعلياً يستطيع أن يدفع الـ 800 دولار، فالمصارف قادرة أن تدفع، وبالشراكة مع مصرف لبنان، ونريد أن نحافظ عليها لأنه من دون المصارف لا نستطيع أن ندفع شيئًا».
وتابع: «وصلنا إلى المادة 11 التي تنصّ على الغرامات، وناقشنا الصياغة المطلوبة وبنودها، لدينا مادة في الأحكام العامة تنصّ على (دور) القضاء لجهة الدعاوى على المصارف، وأنا مع إلغاء هذه المادة، وأتوقّع أن يُقر هذا المشروع نهائياً في الجلسة المقبلة للجان المشتركة، وبصفتي نائباً لرئيس مجلس النواب،علينا أن نتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة لإقرار كلّ القوانين المرتبطة».
بالموازاة، تبدأ لجنة المال والموازنة اليوم مناقشة إقتراح قانون إطار لإعادة التوازن للإنتظام المالي، هذا الإقتراح الذي تمّ تقديمه بتاريخ 16/12/2022 مع اقتراح آخر حول إعادة هيكلة المصارف، وقّعهما النواب أحمد رستم، بلال الحشيمي، كريم كبارة ووزيرالصناعة في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان.
وفي الشكل جاء تبنّي هذين الإقتراحين من قبل النواب لتفادي إشكالية عدم إنعقاد جلسات للحكومة المستقيلة وعدم القدرة على إحالة هذه النصوص كمشاريع قوانين.
وفي المضمون، سيبدأ النقاش اليوم في النصوص التي يُفترض أنها تهدف إلى تحديد الإطار القانوني العام لمعالجة الفجوة المالية للنظام المصرفي وتداعياته على المودعين ولا سيّما الصغار منهم، وتعيد الثقة بالنظام المصرفي. ويتضمّن الإقتراح إتخاذ ما يلزم في سبيل إستعادة الأموال المتأتّية من جرائم الفساد وفقاً لمنطوق القانون 214 الذي أقرّ في 8/4/2021 ولم يطبّق حتى تاريخه، كما يتحدّث النص عن معالجة الفجوة في ملاءة مصرف لبنان والتدقيق المحاسبي الذي يُفترض أنه انتهى مع غياب أو تغييب للتدقيق في عمل المصارف.
وهناك الكثير من النصوص التي ستُثير جدلاً كما حصل في الـ»كابيتال كونترول»، إطفاء العجز في رأسمال مصرف لبنان على مدى خمس سنوات وشطب كافة الخسائر المؤجلة وإمكان سداد جزء من دفعات الودائع بالليرة على أساس سعر منصّة صيرفة و»صندوق إسترجاع الودائع» وفقاً لشروط إنشاء وتمويل وشروط إدارته بموجب مرسوم صادرعن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية.
كلّ ما تقدّم وغيره من الأفكار والمقترحات الواردة في الإقتراح وما قد يأتي لاحقاً في متن اقتراح إعادة هيكلة المصارف، ربما يؤكّد المؤكّد أنّ تجهيز وإعداد هذه الإقتراحات سيبقى معلّقاً على حبال التسوية السياسية التي ستضمن وحدها فتح الطريق أمام إقرار هذه القوانين وتنفيذها.