بينما تتراجع شعبية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في استطلاعات الرأي مقابل منافسه الديمقراطي جو بايدن الذي يتفوق عليه بنحو 9 نقاط حتى نهاية عطلة الأسبوع الماضي، يتكثف اتهامه بالتلاعب بالمنصب الرئاسي والتربح منه مالياً عبر خدمة مجموعات تجارية وشركات وحكومات أجنبية.
وأشار تقرير استقصائي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” يوم السبت، إلى أن ترامب تربّح من رئاسته عبر مزايا تجارية كسبتها المنتجعات والفنادق التي يملكها في أميركا والخارج.
وقالت الصحيفة في التقرير، إن أكثر من 200 شركة ومجموعات أعمال وحكومات أجنبية استفادت من رئاسة ترامب وإدارته خلال السنوات الماضية.
وذكرت أن هذه الشركات والحكومات منحت المنتجعات والفنادق التي يملكها ترامب وعائلته صفقات تجارية في مقابل الحصول على خدمات منه ومن إدارته.
ووفق التقرير فإنه “خلال العامين الأولين من دخول ترامب في البيت الأبيض دفع 60 زبوناً نحو 12 مليون دولار للأعمال التجارية التي تملكها عائلة ترامب، وأن هؤلاء الزبائن حصلوا على خدمات لمصالحهم من الحكومة الأميركية ومن الرئيس نفسه.
وفي رد البيت الأبيض على التهم التي أثارتها صحيفة “نيويورك تايمز”، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جود دير، “الرئيس حوّل إدارة أعماله التجارية الناجحة وتسييرها اليومي إلى ولديه”.
لكن رغم تربح الأعمال التجارية لأسرة ترامب من رئاسته، فإن شركاته لم تنج من جائحة كورونا، إذ قالت تقارير أميركية إن شركات ترامب العقارية تواجه متاعباً مالية بسبب جائحة كورونا والظروف التي تخلقها لأعمال الفنادق.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في تقرير بهذا الشأن، إن شركات ترامب تواجه ضغوطاً صعبة في الحصول على قروض بشروط ميسرة، وربما تجبرها هذه الصعوبات المالية على بيع جزء من الأصول للحصول على السيولة اللازمة لتغطية التزاماتها المالية.
وتعد صناعة الفنادق والمنتجعات السياحية من أكثر القطاعات التي ضربتها جائحة كورونا وما تبعها من إجراءات العزل الاجتماعي وإغلاق الاقتصاد الأميركي.
وحسب تقرير “وول ستريت جورنال”، فإن هذه الظروف ربما ستجبر شركات ترامب على دفع أسعار فائدة أعلى للحصول على تمويلات وقروض من السوق المصرفي. وتواجه شركات ترامب التزامات لخدمة ديون على ممتلكاتها العقارية تقدر بنحو 400 مليون دولار حان أجل سدادها.
ونسبت الصحيفة الأميركية إلى محامي ومديري شركات ترامب قولهم إن وضع شركات ترامب المالي ربما سيواجه تعقيدات أكثر في حال فوزه بدورة رئاسية ثانية بسبب الكوابح الأخلاقية للمنصب الرئاسي.
ووصفت رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي ديون شركات ترامب بأنها تهدد الأمن القومي الأميركي. ومن المتوقع أن تصبح قضايا ترامب المالية والاتهامات التي أثارتها صحيفة “نيويورك تايمز” حول تلاعبه بالضرائب وديون شركاته من المواضيع الرئيسية التي تستخدم ضده خلال ما تبقى من أسابيع قليلة على الانتخابات في الثالث من نوفمبر/ تشرين المقبل.
وحسب “وول ستريت جورنال”، فإن هنالك مؤسسات مالية قليلة ترغب حالياً في التعامل المالي مع ترامب وشركاته بسبب تاريخه المالي المضطرب”. ولاحظت أن المؤسسات المالية التي أقرضته في الماضي واجهت مشاكل مالية وعلى رأسها مصرف” دويتشه بانك” الألماني ومؤسسة “لادر كابيتال” الأميركية.
وحتى الآن تفادت المصارف الأميركية الكبرى التعامل مع شركات ترامب، ومن بينها مصارف “جي بي مورغان” و”سيتي بانك” و”بانك أوف أميركا”، وهي مؤسسات مالية مرموقة على المستوى الأميركي والعالمي.
وإضافة إلى التاريخ المالي المضطرب لشركات ترامب، وهو ما تعتمد عليه عادة المصارف في تصنيف الشركات وتحديد منحها القروض أو رفضها، تواجه أعماله ظروفاً خاصة من حيث تركزها في قطاع العقارات التجارية.
وتتركز عقارات ترامب الرئيسية في الحي التجاري بمانهاتن، وتتكون معظمها من البنايات المكتبية التي ضربتها جائحة كورونا بعنف، وجففت دخلها أثناء عمليات الإغلاق الاقتصادي، كما أن العزل الاجتماعي ضرب أعمال الفنادق وملاعب الغولف، وبالتالي فإن المصارف تتفادى هذه الأعمال في الوقت الراهن.
وحتى الرئيس ترامب نفسه بدا يائساً من أعمال المكاتب ومبانيه في نيويورك حينما قال أثناء المناظرة الأخيرة مع منافسه جو بايدن، “انظر إلى نيويورك كيف بدت كمدينة أشباح، ولا أعتقد أنها ستنتعش بعد هذه الجائحة”.
وواجه ترامب مجموعة من الدعاوى القضائية خلال السنوات الماضية بعدما رفض الكشف عن وثائق متعلقة بثروته وأعماله، وهو أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة منذ السبعينيات لا يكشف عن إقراراته الضريبية.
وعلى الرغم من أن القانون الأميركي لا يلزم الرئيس بالكشف عن سجله الضريبي، إلا أنه من الناحية الأخلاقية فإن الرؤساء يكشفون عن سجلهم الضريبي ليثبتوا للناخبين إخلاصهم وتقيدهم بقوانينها وحث المواطن على احترام القانون وخدمة البلاد.
وكشف التقرير الاستقصائي الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في الشهر الماضي عن تلاعب الرئيس الأميركي بالضرائب، وأن ترامب دفع نحو 1.4 مليون دولار فقط لمصلحة الضرائب خلال الفترة من 2000 إلى 2017، وفي المقابل، فإن متوسط ما دفعه المواطن ذو الدخل المرتفع في الولايات المتحدة لمصلحة الضرائب، يقدر بنحو 25 مليون دولار سنوياً، حسب ما كشفت نشرة “ماركت ووتش” الأميركية.