نكبات الاقتصاد اللبناني لا تنتهي… تخفت حيناً وتشتدّ أحياناً، وتبلغ الذروة في محطات أمنية ونقدية ساخنة: من نكبة العام ٢٠١٩ فالانهيار النقدي والمالي، مروراً بجائحة “كورونا” و”انفجار مرفأ بيروت”… وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية على لبنان والتي لامست الحرب الموسّعة الشاملة، فكانت الضربة القاتلة للجسم الاقتصادي بقطاعاته كافة وعلى مساحة الوطن!
القطاع التجاري الذي يشغّل 27% من القوى العاملة اللبنانية، أسلم الروح في الساعات الأخيرة، باستثناء قطاع المواد الغذائية وغيرها من مستلزمات النزوح الذي لا يزال ينبض ولو بأنفاس متهدِّجة.
“الاقتصاد بالأرض” بهذه العبارة يلخّص الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الواقع الاقتصادي اليوم، ليُطلق عبر “المركزية” ناقوس الخطر “من مخطط إرادي لتدمير هويّة لبنان الاقتصادية والحضارية، تجلّت بعض مؤشراته في الضرر الكبير الذي ألحقته الحرب الإسرائيلية على لبنان، بالقطاعات الاقتصادية ولا سيما القطاع التجاري”، معتبراً أن “استهداف سوق النبطية التجارية وكأن سوق وسط بيروت هي المستهدفة!”، معبّراً عن وجع القطاع التجاري من هذه الحادثة.
منذ حادثة تفجير الـPAGERS مروراً باستشهاد الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله “تغيّر المشهد على الساحة الداخلية” يقول شماس، “إذ باستثناء لوازم النزوح انخفض حجم المبيعات في القطاع التجاري ما بين 80% و90%”، عملياً يمكن القول “لقد تم مَحو القطاع التجاري اليوم من الساحة المحلية، بما يبشّر بالسوء في المستقبل القريب”.
ويرى أن “الاقتصاد أمام احتمالين إما أن تتوقف الحرب ويعاود الإنتاج الطبيعي ويستعيد النمو، أو تستمر الحرب ويُدمَّر الاقتصاد …”، مشيراً إلى “توقّف المحرّكات الأربعة المشغِّلة للاقتصاد، وفي مقدّمها حركة الاستثمار الذي يشهد شللاً مُخيفاً نتيجة التدمير الممَنهج للبنية الاقتصادية، ما دفع بالمستثمرين إلى تعليق أي استثمار في لبنان إلى حين إعادة إعمار هذه البنى التحتية بعد انتهاء الحرب”.
وإذ يتوقّع “تراجع التصدير” بفعل الحرب، يلفت إلى أن “الاستهلاك دخل “العناية الفائقة” خصوصاً أن 75% من الاقتصاد يعتمد على الاستهلاك المتراجع، فبعدما أصبح يساوي ١،٥مليار دولار تقلص إلى ٥٠٠ أو ٧٥٠ مليون دولار… إذا ما استثنينا النفط والمواد الغذائية، فالقطاعات الاقتصادية الأخرى جامدة، ما يؤدي في المرحلة المقبلة إلى حالة تقشف لدى عدد كبير من المؤسسات الأمر الذي يدفعها إلى دفع نصف راتب لموظفيها أو اللجوء إلى عمليات الصرف وندخل بالتالي في دوامة اقتصادية كارثية تتربّع على بركان فرملة الإنفاق الحكومي وتقلص الإيرادات… وازدياد عبء النزوح ومتطلباته!
من هنا، يختم شماس، “لا يبقى لنا سوى تمنّي انتهاء الحرب للملمة الجراح.. الاقتصادية والتجارية”.