ملاقاة للموسم السياحي الواعد المتوقع هذا الصيف، ولمزيد من الشفافية في التسعير ولتأمين العملة الصعبة للقطاع السياحي الذي هو أحد أهم مصادرها، أصدرت وزارة السياحة أمس تعميماً سُمح بموجبه للمؤسسات السياحية بإعلان لوائح أسعارها بالدولار الأميركي، على أن تصدر الفاتورة النهائية مسعرّة بالليرة اللبنانية والدولار الاميركي، وعلى ان يُترك للرواد حرية اختيار طريقة الدفع.
لعلّ القطاع المطعمي هو القطاع الوحيد الذي لا يزال يحتسب على فواتيره الدولار بـ1500 ليرة، أي انّ فاتورة بـ600 الف ليرة توازيها تسعيرة 400 دولار، لذا كان رواد المطاعم، حتى لو كانوا يملكون الدولار، يدفعون الفاتورة بالليرة لرفع الغبن عنهم، الّا انّ هذا الإجراء كان يحيّد الدولار من طريق المؤسسات السياحية، رغم انّها المصدر الاول لإدخال العملات الاجنبية الى البلاد.
هذا الأمر استدعى تدخّلاً من وزير السياحة الذي اصدر تعميما أمس، سمح بموجبه وبشكل «استثنائي واختياري»، خلال الفترة الممتدة من تاريخ نشر هذا التعميم، الخميس في 2 حزيران 2022 ولغاية نهاية شهر أيلول 2022 ضمناً، للمؤسسات السياحية كافة في لبنان، بإعلان لوائح أسعارها بالدولار الأميركي، على أن تصدر الفاتورة النهائية مسعرّة بالليرة اللبنانية والدولار الاميركي. وقد أتى هذا التعميم «عطفاً على اجتماع وزير السياحة وليد نصّار مع رؤساء النقابات السياحية: رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار الأشقر، نائب رئيس الاتحاد ورئيس نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، الأمين العام للاتحاد ورئيس نقابة المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي، رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود، وممثلة عن نقابة الأدلاء السياحيين، وذلك بسبب الظروف الاستثنائية التي تمرّ فيها البلاد، وخصوصاً لناحية تقلّب سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وتمكيناً لحسن مراقبة ومقارنة الأسعار.
وشدّدت وزارة السياحة على المؤسسات السياحية كافة التزام الأسعار التنافسية التي تراعي القدرة الشرائية لرواد هذه المؤسسات تحت طائلة اتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية بحق المؤسسات المخالفة، على ان يُجدّد العمل به حيث تدعو الحاجة».
الرامي
وتعليقاً على هذه الخطوة، هنأ طوني الرامي القطاع بهذا التعميم ووزير السياحة، وقال لـ»الجمهورية»: «انّ الهدف من هذا التعميم هو دعم استمرارية القطاعات الانتاجية، والحفاظ على القطاع السياحي التي لا تزال مداخيله بالليرة اللبنانية، بينما كلفته التشغيلية ومشترياته وصيانته بالدولار. والقطاع السياحي كغيره من القطاعات، يريد الحفاظ على موظفيه والحدّ من هجرتهم. لذا في ظلّ وجود دولار سياسي ودولار «يويو» لا يمكننا الاستمرار».
تابع: «في ظلّ انعدام القدرة الشرائية لدى المواطنين وخسارتنا للطبقة المتوسطة في لبنان التي كانت تشكّل دينامو القطاع ، فإنّ 5% فقط من اللبنانيين يشغلون القطاع، أي نحو 200 الى 230 الف لبناني، إضافة الى استفادتنا في السياحة الموسمية من الاغتراب والانتشار».
وأشار الى انّ هذا التعميم سيُدخل العملة الصعبة الى البلاد خلال الموسم السياحي المرتقب. والأهم انّ هذه العملة ستذهب الى المؤسسات السياحية مباشرة بدل ان تذهب الى الصرافين، فيستفيد منها أرباب العمل والعمال شركاؤنا في الإنتاج. كذلك ستكون بموجبه الاسعار ثابتة، وستُعرض بشكل أوضح، حيث يمكن مقارنتها بطريقة افضل».
اما عن تسعيرة الدولار التي ستُعتمد فقال: «انّ المؤسسات المطعمية هي الوحيدة المدولرة بنسبة 60% فقط، مقارنة مع بقية القطاعات، أي انّها تسعّر الدولار اقل بـ 4 او 5 آلاف عن سعره في السوق السوداء. على سبيل المثال، كان سعر فنجان القهوة قبل الأزمة بـ4 دولار أي 6000 ليرة، بات اليوم 40 الفاً أي دولارين، كذلك الأرغيلة كانت بـ10 دولار أي 15 الفاً، باتت اليوم 4 الى 5 دولارات اي 100 الى 120 الفاً».
وتوقّع الرامي ان يؤمّن هذا التعميم خلال الموسم السياحي المرتقب ما بين 35 الى 40% من مدخول القطاع من الدولار.
وأوضح رداً على سؤال، انّ هذا التعميم يتميّز أنّه اختياري، بحيث انّ الزبون والمؤسسة السياحية يختاران على السواء طريقة الدفع، مرجّحاً أن تميل المطاعم الآسيوية والعربية والاجنبية أكثر للسير بهذا التعميم، أي ان تعرض اسعارها بالدولار مع حرية اختيار طريقة الدفع، انما الباتيسري وstreet food قد تبقى أسعارها بالليرة اللبنانية حصراً.
بيروتي
من جهته، وصف جان بيروتي التعميم بالجريء. وقال لـ»الجمهورية»: «لقد عملنا كثيراً من أجل تحقيق هذه الخطوة التي ستخدم اولاً السائح والمواطن اللبناني قبل ان تخدم القطاع السياحي. إذ إنّ هذه التقلّبات الحادة في سعر الصرف والتغيير المتواصل بالأسعار لا يخدمان السائح، بينما التسعير بالدولار يطمئنه ويعكس شفافية تجاهه. فلدى التسعير بالدولار سيلمس السائح انّ لبنان بلد رخيص بالفعل وليس بالقول فقط. كذلك انّ هذه الخطوة تساعدنا كمؤسسات مطعمية في الاستمرارية. أما بالنسبة الى الفنادق والمنتجعات فهي تعتمد أصلاً التسعير بالدولار منذ العام الماضي، لأنّها تعرض اسعارها عبر booking و expedia وغيرها».
وأشار بيروتي الى انّ «مشكلتنا الأساسية تكمن في اللاستقرار في سعر الصرف، والتي حتّمت علينا تغيير قائمة الاسعار احياناً 3 مرات في اليوم الواحد». لافتاً الى انّ 3 دول مرّت بهذا النوع من الأزمات اعتمدت هذه الطريقة بالتسعير، «فنحن لم نخترع البارود، كما انّ هذا الإجراء لن يغيّر شيئاً بالنسبة الى مدخول المؤسسة. ففي السابق كنا نأخذ الاموال ونشتري فيها الدولار، اما اليوم سنحصل على الدولار مباشرة إذا اختار الزبون اعتماده كوسيلة دفع».
ودعا بيروتي الى اعتماد هذه الطريقة في التسعيرة في السوبرماركات ايضاً، حيث تكون التسعيرة بالدولار على الرفوف، انما القبض على الصندوق بالليرة اللبنانية، لأنّ هذه الخطوة تؤمّن انخفاضاً فورياً بالاسعار مع تراجع الدولار، وليس كما يحصل اليوم، حيث غالبية السوبرماركات لم تخفّض اسعارها. وشدّد بيروتي على أنّ خيار التسعير باللبناني او بالدولار متروك للمؤسسات السياحية تحت سقف سعر السوق السوداء. ويعود الخيار للبناني او السائح بالدفع بالليرة او بالدولار.