مجموعة ضرائب جديدة حملها مشروع قانون موازنة 2024، إذا لم يتمّ تعديلها فستشكّل ضربة قاضية للقطاع الصناعي وستقصقص من جناحيه التي حملت المنتجات اللبنانية الى أقاصي العالم. فهل يقتصر دوره في العام 2024 على تلبية السوق المحلي، بعد الضرائب الجديدة التي ستطاله، لا سيما منها الضريبة على التصدير؟ وكيف يستعد لمواجهة المنافسة من الدول المجاورة؟
بعد كل النجاحات التي حقّقها وتمكّنه من الدخول الى الاسواق الأكثر تطلباً، يعيش القطاع الصناعي اليوم تخبّطاً جعل وضعه على المحك. ففي ظل استمرار الأزمة المالية من دون معالجة، والفراغ السياسي، ومع فقدان مقومات الدولة، بدأ القطاع الصناعي في لبنان يفقد المقومات التي جعلته ينتعش في السنوات الاخيرة، وهو يسجّل مع ختام هذا العام تراجعاً لافتاً في حجم التصدير، ويتحضّر للمرحلة المقبلة بقلق، مع رزمة الضرائب الجديدة، التي اذا ما تعدّلت يُخشى من موجة هجرة وإقفالات جديدة للمصانع. كيف كان القطاع الصناعي خلال العام 2023، وما التحدّيات التي تنتظره في العام 2024؟
أكّد نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي لـ”الجمهورية”، انّ كلفة الانتاج الصناعي في لبنان عادت الى الارتفاع كما كانت في السابق، عازياً ذلك الى اسباب عدة منها:
– ارتفاع كلفة انتاج الكهرباء.
– تعديل رواتب الموظفين لتعود الى ما كانت عليه قبل الأزمة، بعدما شكّل تدنيها في السابق عامل منافس جاذباً.
– العوائق التي نواجهها في التصدير.
وقال: “بنتيجة هذه العوامل تمكنت بعض الدول المجاورة من منافسة الصناعة اللبنانية مثل تركيا، مصر، سوريا والاردن، فهذه الدول لديها منتجات شبيهة بمنتجاتنا الصناعية وينافسوننا بالاسعار، خصوصاً انّ دولهم تحميهم وتشجعهم وتقف خلفهم، بينما نحن نُحارب من دولتنا التي لا تنظر للقطاع كقطاع إنتاجي حيوي قادر على تأمين مدخول للدولة، نحن متروكون ونعمل وننتج مبادرة فردية”.
وأسف نصراوي لأنّ الدولة لم تُعدّ اي جدوى اقتصادية انتاجية، الامر الذي يخسّرنا الكثير من صادراتنا، كاشفاً في السياق، انّه بعد وصول حجم الصادرات الصناعية في السنوات الاخيرة الى الـ 4 مليارات دولار كان يمكن ان نصل الى 5 مليارات دولار لو بقينا على المسار نفسه، ولو حافظت الدولة علينا وحمت قطاعاتها الانتاجية. لكن بفقدان دعم الدولة لنا وعدم وقوفها الى جانبنا، تراجع حجم الصادرات بشكل دراماتيكي، بحيث بالكاد يقفل العام 2023 على ما مجموعه حوالى 2 مليار دولار. تابع: “كان طموحنا مطلع العام ان يصل حجم التصدير الى 3 مليارات دولار ونصف، اما اليوم فأقول لم نتمكن من تحقيق ذلك وصادراتنا تراجعت كثيراً”.
تحدّيات 2024
أما عن العام المقبل وتحدّياته، فيقول نصراوي: “اذا سارت الحكومة بمشروع قانون الموازنة 2024 كما هو مع ما يحويه من ضرائب، فهذا يعني حكماً القضاء على القطاع الصناعي تصديراً، لتبقى الصناعة اللبنانية محصورة بالإنتاج لتلبية حاجات السوق المحلي. اضاف: “بعدما كنا نتطلع الى حماية الدولة للقطاع ودعمه في وجه المنافسة التي تواجهنا من الدول المجاورة، حمل الينا مشروع الموازنة الجديد ضريبة على التصدير بنسبة 5 بالألف، ما يعني انّه كلما صدّرنا علينا دفع ضريبة للدولة، تماماً على عكس ما يحصل في كل دول العالم التي تعطي حوافز للصناعيين لدى التصدير”.
تابع: “نحن بالأساس نعاني، كيف الحال اليوم مع هذه الضريبة المستحدثة التي تهدف الى ضرب القطاع كلياً؟.
أضف الى ذلك، زيادة اشتراكات الضمان، والرسوم التي يستوفيها الضمان، الضرائب المالية، الجمارك على بعض المستوردات…”.
واشار نصراوي الى انّ العوائق التي وضعت امام التصدير وأدّت الى تراجعها دفعت بالكثير من الصناعيين الى ترك لبنان ونقل مصانعهم الى الخارج حتى في العام 2023، متخوفاً من ازياد هذا التوجّه في العام 2024 أي هجرة المصانع اللبنانية الى خارج لبنان وإقفال اخرى.
وأكّد نصراوي انّ الإنتاج المحلي يكفي السوق وزيادة، لكنه لا يغطي الخسارة نتيجة تراجع التصدير، لافتاً الى انّه في ظل غياب مراقبة الدولة (أكان من وزارة الصناعية او وزارة الاقتصاد)، نشأت الكثير من المصانع غير المرخّصة التي باتت تشكّل ضرراً على الصناعة نتيجة عدم التزامها بالمواصفات المطلوبة للانتاج.
الصناعات الأكثر طلباً
ورداً على سؤال، أكّد نصراوي انّ الصناعات الوطنية الأكثر نجاحاً وطلباً في لبنان هي الصناعات الغذائية وبعض الصناعات الكيميائية مثل الدهانات…، كذلك صناعة الأدوات الكهربائية والمجوهرات. لافتاً الى انّ هذه الصناعات المذكورة هي ايضاً من الأكثر طلباً للتصدير الى الخارج. وأشار الى انّ قطاع التكنولوجيا بات مهمّاً ايضاً ويزداد تطوراً، لكن إهمال الدولة له دفع بكثر من العاملين في القطاع الى الهجرة، لا سيما الى دبي، حيث يحظون بالكثير من التسهيلات.