عودة العمل بخدمة “استرداد الضريبة على القيمة المضافة” في حزيران الجاري، أسرّت القطاع التجاري بعد جولات من المباحثات والاجتماعات أقنعت المسؤولين بأهميّتها لإنقاذ القطاع والاقتصاد في آن…
لكن هذه البشرى لم تَطَل القطاع الصناعي الذي بدوره يجهَد بما أوتيه من قوة لتأمين مقوّمات الصمود… واسترداد هذه الضريبة البالغة 10%، واحد من تلك المقوّمات لما ترفده هذه الخدمة من دعم مادي لتأمين ديمومة زخم الصادرات الصناعية بالمعدلات المأمولة…
فالصناعة تنتظر بأمل، عودة استرداد هذه الضريبة عند التصدير لأن عدم استردادها يرفع كلفة التصدير بنسبة 10% أي كامل أرباح الصناعي، الأمر الذي يشكّل أحد العوائق الرئيسية التي يواجها الصناعيون اللبنانيون في هذه المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد والمنطقة.
رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين سليم الزعنّي لم يُرِد “الاختباء وراء إصبعه”، ليُقرّ في حديث لـ”المركزية” بأن الصادرات الصناعية هذا العام لم تكن بالحجم الذي كانت عليه في السنوات السابقة، “إذ لم تلامس الـ3 مليارات دولار للأسف” على حدّ قوله، “وبالتالي لم تحقق الآمال المعلقة عليها لأسباب عديدة يتقدّمها الوضع الأمني في المنطقة، لكنه لم يكن السبب في فرملة عجلة الصادرات، بل كلفة الإنتاج الصناعي في لبنان التي تُعَدّ الأغلى في العالم وليس في المنطقة فحسب… هذه الكلفة المرتفعة أرهقت الصناعة وأضعفت صادراتها! إذ على سبيل المثال لا الحصر، يبلغ سعر كيلووات “كهرباء الدولة” نحو 40 سنتاً، فكيف سيتمكّن الصناعي من زيادة معدّل إنتاجه بهذه الكلفة؟! علماً أنه يسعى جاهداً اليوم إلى استخدام الطاقة الشمسية لكنها لا توفّر أكثر من 15% من كلفة الاستهلاك. في حين تبلغ كلفة الإنتاج عبر المولدات الكهربائية الصناعية الخاصة 25 سنتاً للكيلووات، فيما تبلغ كلفة الكهرباء الخاصة بالصناعة في مصر 3 سنتات، وفي الخليج 5 سنتات، وفي أوروبا 2 سنتات/يورو لوجود الطاقة النوَوية.
على الرغم من كل ذلك، يُضيف الزعني “يصمد الصناعي ويحارب باللحم الحيّ على كل الجبهات ويصدّر على قدر طاقته… لكنه يبقى مثقلاً بأحمال أكلاف الإنتاج الباهظة. وبدل أن تخفف الدولة هذا الحمل عن كاهله، تعمد في كل مرة خطر على بال أحد طرح ضريبة ما لتحصيل واردات للخزينة، إلى فرضها على القطاع الصناعي كونه قطاعاً منتجاً”.
ويستكمل تفنيد أسباب تراجع معدّل الصادرات هذا العام، ليُشير إلى “ارتفاع كلفة الشحن عبر البحر الأحمر ذهاباً وإياباً بسبب المخاطر الأمنية، تعقبه أزمة منع تصدير المنتجات اللبنانية إلى المملكة العربية السعودية، حتى أن الترانزيت البرّي عبرها محظور أيضاً على الصناعة اللبنانية. وزاد “الطين بلة” قرار الحكومة المصرية منع الاستيراد من خارج أراضيها…”.
هذه المعطيات سينقلها الزعني إلى رئيس الحكومة ووزير المال والمسؤولين الآخرين، من دون أن يغفل الإشارة إلى أن “أسعار المنتجات الصناعية التي تباع في السوق المحلية مرتفعة بفعل ارتفاع كلفة إنتاجها، وبالتالي مَن يدفع الثمن هو المستهلك”، ناقلاً واقعاً مستجداً ينعكس سلباً على الصناعة الوطنية كما على باقي القطاعات، وهو “الاقتصاد غير الشرعي”، إذ “إن الصناعي الذي يعمل ضمن الاقتصاد الشرعي يدفع كل متوجباته الضريبية والرسوم الجمركية، فيما الصناعي المنتِج في إطار الاقتصاد غير الشرعي لا يسدّد قرشاً واحداً ويضارب على منتجاتنا!” بحسب الزعني.
إذاً، لا يستغرب أحد أن هناك أزمة إنتاج صناعي في لبنان… فالقطاع قادر على الصمود كعادته في أحلك الظروف، ومرحلة انتشار جائحة “كورونا” هي خير دليل على ذلك… لكن ما ينقصه هو دعم دولته والالتفات إلى معاناته! الحلول موجودة لحلحلة الوضع الصناعي، يمكن اللجوء إليها والمضي بها، ومن بينها حلّ أعدّته جمعية الصناعيين لطرحه على المسؤولين المعنيين يتعلق بالملف الضريبي… علّ التجاوب يكون سريعاً.