مع توجّه نسبة كبيرة من اللبنانيين منذ اندلاع الأزمة إلى تملّك العقارات في الخارج، خصوصاً في قبرص واليونان، ومع عودة «موضة» إيجار العقارات بدل تملّكها، نتيجة انعدام القدرة الشرائية للمواطنين واحتجاز أموال المودعين في المصارف وتوقف عمليات الإقراض المصرفية التي ساهمت سابقاً في ازدهار القطاع العقاري، ما هو وضع القطاع العقاري اليوم في خضمّ الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة؟
في هذا الإطار، أشار الخبير العقاري رجا مكارم، انّ سوق العقارات على شفير الموت والحركة بطيئة جدّاً لا بل قريبة من ان تكون معدومة، لافتاً لـ«الجمهورية»، الى انّه لا يوجد أحد مهتمّ بسوق العقارات حالياً في لبنان، لا من ناحية الاراضي ولا من ناحية الشقق او المكاتب. مؤكّداً انّ عمليات البيع والشراء القليلة التي تحصل تنتج من صراع حول الاسعار بين البائع الذي يحاول خفض سعر العقار بنسبة 40 في المئة من قيمته الحالية، وبين الشاري الذي يريد خفضاً بنسبة 50 الى 60 في المئة من السعر.
ولفت مكارم الى انّ حركة المبيعات العقارية شبه معدومة، حيث لا توجد عقارات معروضة للبيع، لأنّ معظم أصحاب العقارات ليسوا بحاجة لبيعها بأسعار تقلّ بنسبة 50 في المئة عن قيمتها الحقيقية، وغالبية من تملّكوا عقارات في الفترة بين 2019 و2021، قاموا بذلك هرباً من المصارف ومن اجل سحب أموالهم من المصارف، وبالتالي سدّدوا ثمنها عبر شيكات مصرفية أي بـ«اللولار»، ولا يملكون مصلحة ببيعها اليوم، آملين بعودة الامور الى طبيعتها في المستقبل وإمكانية إعادة بيعها بأسعار مرتفعة، «إلّا انّه لا يوجد طلب على العقارات يمكن ان يؤدي الى ارتفاع اسعارها».
وقال: «لا شكّ انّ هناك بعض عمليات البيع القليلة التي تتمّ نقداً، ولكن بحسومات تبلغ نسبة 60 في المئة من قيمتها، حيث تمّ بيع شقة في «المارينا» على سبيل المثال بقيمة 4800 دولار للمتر المتربع مقارنة بـ8000 او 9000 دولار للمتر المربع في السابق. كما تمّ بيع شقة في منطقة سرسق بقيمة 2500 دولار للمتر المربع مقارنة مع 4000 دولار للمتر المربع قبل العام 2019».
واكّد مكارم انّ هناك غياباً تاماً للمستثمرين الراغبين في شراء العقارات ولو بأسعار منخفضة بهدف تحقيق الأرباح، بسبب عدم اليقين حول مستقبل المرحلة المقبلة، معتبراً انّ الحركة العقارية في العام 2022 معدومة، لأنّ الاشهر الستة الاولى اتّسمت بحالة ترقب لنتائج الانتخابات النيابية، بينما الاشهر الستة المقبلة تنتظر الاستحقاق الرئاسي. وبالتالي، رأى مكارم انّه قبل ان يحصل تغيير بالوضع السياسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بغض النظر عن اسمه، «لن نشهد تغيّراً بالوضع العقاري الحالي، ولن يُقبل أحد على الاستثمار بالقطاع العقاري، إن كان من اللبنانيين او الاجانب، قبل نهاية العام الحالي وقبل بدء ولاية عهد جديد».
واكّد مكارم ردّا على سؤال، انّ التوجّه الحالي هو نحو الايجارات وليس التملّك، خصوصاً انّ أسعار الايجارات تراجعت من 4% من قيمة العقار الى 2.5 أو 3 % بالحدّ الأقصى من قيمته بالدولار، «وهي نسبة ممتازة»، لافتاً الى انّ الاجانب الذين يقصدون لبنان ساهموا بازدهار حركة قطاع الايجارات، حيث توجّهوا نحو ايجار الشقق، ما أدّى الى ضخ بعض السيولة النقدية بالعملات الاجنبية في السوق.
اما بالنسبة للاستثمار العقاري من قِبل اللبنانيين في الخارج، قال مكارم انّ هذه الموجة تراجعت وتيرتها حالياً، حيث انّ من أراد إخراج أمواله من المصارف أقدم على الاستثمار في الخارج في العامين الماضيين، ومن يقوم بذلك حالياً فهو يبحث عن مكان آمن في حال قرّر الهجرة من لبنان.