الكابيتال كونترول “كارثة اقتصادية”…

كان مشروع الحكومة لقانون الكابيتال كونترول قد تعرّض لـ “هجمة” شعبية وحقوقية عليه منعت النقاش فيه في مجلس النواب في 26 نيسان الماضي، وأدّت إلى سقوطه في اللجان النيابية المشتركة، لكنّه عاد إليها مرفقاً هذه المرّة بتقرير يتضمّن ملاحظات وتعديلات على القانون وضعتها شخصيات ماليّة وحقوقية ومصرفية وأكاديمية بعد سلسلة اجتماعات كان دعا إليها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.

يلقى مشروع القانون، بنسخته الحاليّة، معارضة واسعة لإقراره في مجلس النواب، إذ يضع المصارف، خصوصاً في المادّة 12 منه، في “منطقة الأمان” لناحية الدعاوى المرفوعة ضدّها في الداخل والخارج، مانحاً إيّاها براءة ذمّة سابقة ولاحقة عن جميع ارتكاباتها وتجاوزاتها، ويبقي مصرف لبنان قابضاً على مفاصل القانون. وعشيّة الجلسة تجدّدت المطالبات بتحرّكات شعبية أمام مجلس النواب لمنع إقراره بصيغته الحامية للمصارف والمانعة لمحاسبة المسؤولين عن تطيير ودائع اللبنانيين.

يسلّم كثيرون بأنّ إقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول” بمعزل عن رزمة القوانين الإصلاحية المرتبطة بإعادة هيكلة المصارف، وإقرار آليّة استرجاع الأموال من الخارج، وإتمام التدقيق الجنائي في مصرف لبنان والمصارف، وتقصّي مصير ودائع اللبنانيين، وإقرار الخطة المالية للحكومة، يشكّل تشويهاً كبيراً للمسار الإصلاحي وضياعاً لحقوق المودعين، وهو بمنزلة تواطؤ تجدر محاسبة الطبقة السياسية عليه.

استطراداً يطرح سؤالٌ كبيرٌ نفسه، ويتعلّق بمصير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في حال إقرار “الكابيتال كونترول” من دون غيره من الإصلاحات الأخرى بالتزامن مع دخول لبنان مدار الفراغ الرئاسي والتعثّر الحكومي.

تجزم أوساط مطّلعة على مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي أنّ “الكابيتال كونترول”، بعكس ما يتمّ الإيحاء به على أعلى المستويات الحكومية والرسمية، لم يعُد أولويّة ملحّة لدى مسؤولي الصندوق الذين يركّزون على أولويّات أخرى، وعلى رأسها إقرار مشروع إعادة هيكلة المصارف والخطة الماليّة”.

كان لافتاً في هذا السياق قول وزير الاقتصاد السابق والخبير المالي ناصر السعيدي إنّ “إقراره بعد خروج رؤوس الأموال إلى الخارج وقبل إعادة هيكلة المصارف ووضع خطة ماليّة واضحة للاقتصاد سيشكّل كارثة اقتصادية شاملة”.

في السياق نفسه يقول مصدر نيابي لـ “أساس”: “هناك خشية من أن يكون آخر قانون إصلاحي، بعد السرّيّة المصرفية، قد يُقرّ في مجلس النواب قبل الدخول في المحظور الرئاسي”، مستبعداً في الوقت نفسه “احتمال إقراره بسبب وجهات النظر المتضاربة”، وكاشفاً أنّ “ميقاتي وعدنا بإجراء تعديل على الخطة الماليّة مرتبط بالكابيتال كونترول من خلال العمل على إنشاء صندوق تعافٍ للتعويض على المودعين، وما نزال حتى الآن ننتظر هذا المشروع الذي لم يصل إلى مجلس النواب”.

لذلك تتوقّع مصادر نيابية “أن يدعو برّي إلى جلسة تشريعية في الأسبوعين الأوّلين من شهر أيلول حتى لو دخلنا في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية من أجل إقرار الموازنة العامّة التي شارفت لجنة المال والموازنة على الانتهاء من مناقشة بنودها، وأمّا الكابيتال كونترول فقد لا يرى النور قبل الانتخابات الرئاسية”.

مصدرأساس ميديا - ملاك عقيل
المادة السابقةممثلة اليونيسيف في لبنان: قلقون من ازدياد البطالة التي لامست الـ70 بالمئة
المقالة القادمةوزير المالية وقع ثلاثة مشاريع مراسيم وأحالهم على مجلس الوزراء