عاود اللبنانيون المقيمون السفر الى الخارج بقصد السياحة بعد ان تخلصوا من جائحة كورونا وبعد ان استتب الوضع الاقتصادي من خلال الدفع بالدولار والرواتب بالدولار اضافة الى ان السفر الى الخارج يبقى اقل كلفة من السياحة الداخلية والدليل على ذلك كثرة الاعلانات التي تغري المسافر لقضاء اربعة ايام في تركيا او في شرم الشيخ في مصر بكلفة لا تتعدى 400 دولار بينما الكلفة في لبنان تكاد تلامس ليلتين في فندق بهذا السعر، لذلك ارتفع عدد الذين سافروا الى الخارج حيث تم صرف ما يقارب مليار ونصف مليار دولار ويتوقع ان يرتفع هذا الرقم الى مليارين قي نهاية السنة .
مع بداية الأزمة الاقتصاديّة، شكّل لبنان وجهة سياحية مثالية للمغتربين والسّياح العرب والأجانب لما تتوافر فيه من مقومات السياحة بأسعار متدنية، مقارنةً مع وجهات أخرى في المنطقة.
وعندما تراجعت قيمة العملة الوطنية ورزح المواطن اللبناني تحت الأعباء التي سببتها الأزمة، وانخفضت القدرة الشرائية لديه، انخفضت أسعار الخدمات في القطاع السياحي مع تراجع الطلب عليها، ولم تكن حينذاك معدلات القادمين إلى البلاد من سياح ومغتربين تسمح برفع أسعار هذه الخدمات، هذا ما يفسّر تطوّر السياحة الدّاخلية يومذاك، لا سيّما مع انتشار وباء كورونا.
وفي المقابل، من الصعب على السياحة الداخلية في لبنان أن تحقّق المطلوب من حيث الخدمات التي تقدمها حتى تستقطب المواطنين وتحفزهم على تفضيلها على السفر إلى الخارج. ورغم امتلاك لبنان المقوّمات المطلوبة كوجهة سياحية، فانه ينقصه الدعم للقطاع وتطوير مفهوم الضيافة لتحسين الخدمات التي يقدمها فيتمكن من منافسة هذه الوجهات السياحية التي استطاعت أن تحقق تطورًا في هذا المجال.
سياحة داخلية أو خارجية؟
لطالما كانت هذه الذهنية سائدة بين اللبنانيين الذين يفضلون الاستمتاع بالسفر إلى خارج البلاد، بدلًا من تحمل الكلفة الباهظة للإقامة في فنادق ومنتجعات سياحية في لبنان.
وهذا المفهوم لا يزال موجودًا، خصوصًا مع ارتفاع التكاليف والأسعار ودولرة كافة القطاعات والنشاطات. وأكثر ما يمكننا ملاحظته لدى الزوجين بعد انتهاء عرسهما، أنّهما يفضّلان السفر إلى الخارج، لأنّ السياحة الدّاخلية باتت مكلفة جدًا.
يبدو أنّ أوروبا لم تعد مقصودة كثيرًا من المقيمين في لبنان، بسبب ارتفاع أسعار الإقامة الفندقية هناك والتي زادت كثيرًا في آخر سنتين.
نقلنا هذه الإشكالية لشاهدٍ لدى مختارٍ ليطلعنا على واقع ما يحصل، ليؤكّد لنا أنّ معظم من يقدّمون أوراقهم حاليًا، انما يقومون بذلك، لأسبابٍ أمنيةٍ أو مستعجلةٍ.
ولكن، عندما ارتفعت كلفة جواز السفر إلى 10 ملايين ل. ل. ورسم استعجال 4 ملايين و900 ألف ل. ل.، خفّ الضّغط في آخر الموسم (منذ أسبوعين حتّى السّاعة) واندرجت جوازات السفر الحالية استعدادًا لموسم عيد الميلاد.
وعن سؤال ما إذا كان اللبنانيون يسافرون إلى الخارج للسياحة، أفادت مصادر أمنيّة للدّيار، بوجود عددٍ لا يزال يحبّ ويهتمّ بالسّفر رغم كل شيء لا سيّما السفر إلى تركيا.
اللبنانيون يفضّلون السفر إلى تركيا
في سياق الحديث، أكّدت مصادر سياحية ، أنّ هناك طلبًا كبيرًا للسفر الى تركيا، بسبب انخفاض كلفة السفر إليها مقارنة بالدول الأوروبية، كمدينة مرمَريس وبودروم وأنطاليا التي تعتبر وجهة العائلات وتضم الكثير من المنتجعات التي تلائم الجميع. وبحسب المصادر، فَضَّل اللبنانيون السياحة في تركيا بسبب الملاءة الكاملة للطائرات المتوجهة الى أوروبا فتذاكر السفر إلى فرنسا واسبانيا وايطاليا محجوزة بالكامل، كما أنّ طلبات تأشيرات الدخول اليها تستغرق الكثير من الوقت.
أمّا أعداد اللبنانيين المتوجهين إلى تركيا هذا العام فهي أكثر من العام السابق والعام الذي قبله إذ ان موسم صيف 2023 هو الأول لناحية انتهاء جائحة كورونا بشكلٍ كاملٍ، الأمر الذي مكّن الناس من استعادة عاداتهم للسفر وقضاء الإجازات في الخارج كما في السابق.
الكلفة : 1.5 مليار دولار
في حديثٍ للدّيار، يؤكد أحد مسؤولي مكاتب السفر والسياحة في لبنان، أنّ كلفة السياحة الصادرة من لبنان إلى الخارج، تبلغ 1.5 مليار دولار وستصل إلى ملياري دولار في نهاية السنة الجارية.
أمّا عدد المقيمين في لبنان الذين سافروا إلى الخارج بقصد السياحة، فيراوح ما بين 200 ألف مسافر و225 ألف مسافر من لبنان، بحسب تقديرات رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود.
ووفق توقعات صندوق النقد الدولي، ففي نهاية عام 2023 يتوقع أن تبلغ قيمة السياحة الصادرة نحو 3 مليارات دولار مقابل سياحة وافدة بقيمة 5.5 مليارات دولار.
ختامًا، وبمعزل عن دقّة الأرقام، الواقع يشير بوضوح إلى انتعاش في السياحة الصادرة في بلدٍ منهارٍ أمنيٍا واقتصاديٍا، يعاني من خسائر في قطاعاته المالية بقيمة 72 مليار دولار وسط شحّ في مخزون وتدفقات العملة الأجنبية وتنعكس على جميع الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء.