قبل أيام، «سحبت» غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث، من تقاريرها اليومية، الأرقام المتعلّقة بنسب إشغال الأسرّة المخصصة لمرضى «كوفيد 19»، بعدما «دأبت» في الأسابيع المنصرمة على ذكر أعداد الأسرّة الشاغرة يومياً.
وأمس، أعلن محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر أنه لم يعد هناك أي جهاز تنفس شاغر في أي من مُستشفيات المنطقة، وأن عدد الأسرّة الشاغرة في أقسام الكورونا في هذه المحافظة الشاسعة، يقل عن 23، «رغم أن عدد الإصابات في المحافظة أقل من مناطق أخرى»، محذّراً من أن «الوضع خطير ولن تكون إجراءاتنا كافية إن لم يلتزم المواطنون بتدابير الوقاية».
قبل ذلك، كان مدير مُستشفى رفيق الحريري الحكومي فراس الأبيض قد أعلن أنه من أصل 200 سرير للعناية الفائقة المخصصة لمرضى كورونا، هناك فقط 30 سريراً شاغراً، لافتاً إلى «أننا وصلنا إلى حدّ مُقلق من القدرة الاستيعابية التي لامست في بعض المُستشفيات الـ90%».
ورغم أن أسرّة الكورونا ليست نفسها أسرة العناية الفائقة المخصّصة لبقية الأمراض، «إلّا أن بدء موسم الإنفلونزا سيزيد من الضغط عليها لتصل الطاقة الاستيعابية إلى الذروة ونكون عندها دخلنا المرحلة الأسوأ»، على حدّ تعبير الأبيض.
يأتي ذلك فيما لا يزال عدّاد كورونا يحلّق عالياً، إذ أعلنت وزارة الصحة، أمس، تسجيل 1245 إصابة جديدة (1240 مُقيماً وخمسة وافدين)، 21 منها في القطاع الصحي (عدد المُصابين العاملين في القطاع 1219 شخصاً)، فيما سُجّلت 13 وفاة جديدة، ليصل إجمالي الضحايا إلى 479 شخصاً.
وكنتيجة طبيعية، ارتفعت أعداد المُقيمين المُصابين في غرف العناية الفائقة إلى 190 شخصاً. وإذا ما كانت أرقام الأبيض دقيقة، فإنّ هذا الواقع يعني عملياً أن عشرة أسرّة عناية فائقة مخصصة لمرضى كورونا فقط في لبنان لا تزال شاغرة!
ما العمل إذاً؟ لدى المعنيين في وزارة الصحة، ومن ورائهم وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، إجابة شبه موحدة مفادها «العمل على تجهيز المزيد من المُستشفيات والأسرة والإنفاق من أموال الهبات المخصصة من الجهات المانحة لمواجهة الوباء»، فيما يُدرك العارفون أن النهج «الثابت» في المشهد الوبائي الأبرز كان منذ اندلاع الأزمة، هو «اللا خطة»، حيث يتم تطبيق الإجراءات «بالمفرّق» وببطء شديد. وإلى حين اعتماد اللقاح المرتقب نهاية العام الجاري أو مطلع العام المُقبل، على ما وعدت به مُنظّمة الصحة العالمية، تزداد الحاجة إلى تغيير ذلك النهج واعتماد خطة طارئة تبدأ بتفنيد الإمكانات اللوجستية الحالية المتوفرة لمواجهة الفيروس، وبمصارحة المُقيمين بمدى خطورة الواقع المُقلق الذي وصلت البلاد إليه، علّه يكون وسيلةً لتحقيق الالتزام والاحتواء المطلوبين.
الى ذلك، أكدت نقابة مُستوردي المستلزمات الطبية أن لا نقص في أجهزة التنفس، «وهي موجودة ومتوفرة لدى الشركات ولدى وزارة الصحة» بحسب رئيسة النقابة سلمى عاصي. وإذا صح ذلك، فإن التحدّي يتمثل في ضرورة «إدارة» توزيعها على المُستشفيات التي لا يزال عدد مهم منها غير مُجهّز لاستقبال مرضى كورونا، رغم مُضي أكثر من سبعة أشهر على دخول الفيروس إلى البلاد.
ويبدو الحديث عن مطلب تجهيز المُستشفيات في هذه المرحلة المُتقدّمة التي وصل إليها الواقع الوبائي «هزلياً»، إذ لا تزال أعداد الإصابات اليومية في لبنان مرتفعة جداً، ما يعني حُكماً ارتفاع أعداد المُصابين ممن تستدعي حالتهم الإقامة في المُستشفيات.