رغم أنّ القطاع الزراعي في لبنان لم يتعافَ كليّاً من تداعيّات الحرب الإسرائيليّة، أو قطع طريق التصدير عبر سوريا، حتى يأتي الطقس ليُشكّل عاملاً إضافياً في تكبيد المُزارع الخسائر.
يُعاني المزارعون في لبنان اليوم من ندرة الأمطار، بحيث باتوا يتلون الصلوات، من أجل هطول المطر لأنّ الكارثة قد تَلحق بمزروعاتهم الموسميّة إضافةً إلى الأشجار المثمرة، وباتوا يحسبون اليوم حجم الخسائر التي سيتكبّدونها.
الزراعة نحو التصحرّ
رئيس تجمع المزارعين والفلاحين ابراهيم الترشيشي يقول لـ “نداء الوطن”: “بداية نطلب الاستغاثة من ربنا لأنّ الزراعة تسير نحو التصحّر، والمناخ يتغيّر في البلد كله مع هذا المطر الذي يصل إلى الأرض ومن ثم يعود ليتبخّر. المعدل السنوي للمتساقطات في تراجع عن المعدل العام بنحو 75 في المئة أقله في منطقة البقاع، وهذه ظاهرة غريبة لم نشهدها في الماضي القريب”.
المُزراع خائف
يُتابع: “يتخوّف المزارع اليوم من النقص في الثروة المائيّة وانحباس الأمطار لما له من تداعيات كبيرة وأساسيّة لا يُمكن التعويض عنها. فلا يمكن للدولة مثلاً تأمين المياه، كما لا يُمكننا أنْ نطلبها من الوزير، لأن هذا أمر يعود إلى ربنا. لا تكفينا كل المصائب، فأتى بعد الحرب انحباس الأمطار وتأثيره السلبي على الزراعة، هذا إذا بقيت لدينا مزروعات”.
الجدير ذكره هنا، أنّ “معدل الأمطار خلال شهر كانون الثاني 2025 لم يتخطَّ الـ 20 ملم، أي أقل من 10% من المعدل الشهري المُعتاد، وبالتالي فإنّ شحّ المياه سيزيد من المخاطر التي يتعرّض لها الإنتاج الزراعي، كما أنّ، وبسبب قلة هطول الأمطار والتغيّرات في توافر المياه الموسميّة، فإن للجفاف الزراعي تداعيات سلبية بشكل خاص على الأمن الغذائي بسبب انخفاض غلات المحاصيل، وانخفاض إنتاجية المراعي والغابات، وزيادة مخاطر الحرائق”.
انعكاس الوضع السوري
ويعتبر ترشيشي أنّ “تحسّن الوضع في سوريا ينعكس بطريقة أفضل وإيجابيّة على لبنان، والأهمّ توقيف دورة التهريب والتي تتمّ في الاتجاهين. وقد يكون التهريب في اتجاه دمشق أكثر بكثير منه نحو بيروت، كتهريب المحروقات والترابة والمواد الغذائيّة والمواد الأخرى “على عينك يا تاجر” وبكميّات لا تعد ولا تحصى”.
وفي حال رفع الحظر والعقوبات عن سوريا، يشير ترشيشي هنا إلى أنّه “قد تصبح بلداً ذات اكتفاء ذاتي، وإذا أرادت الحصول على بضائع من لبنان تأخذها بطريقة شرعيّة وتصبح العلاقة من دولة إلى أخرى، لا أن تتم كل العمليات عبر التهريب“، وفي هذا السياق، يتمنّى “أحسن العلاقات مع الأخوة السوريين ونتمنى لهم الخير والهناء والسلام الدائم والاطمئنان، لأن عندما تكون سوريا بخير فإن لبنان بخير بغض النظر عن أي جهة تحكم”.
ويرى أنّه “بعد انتخاب رئيس الجمهورية نأمل بحياة جديدة على كل المستويات الاقتصادية عامّة والزراعية خاصة. ونتمنى في مجال الزراعة تعيين وزير يحب الزراعة ولا يتبع لأي جهة”.
حياةٌ عامّة… أملٌ بعودة المؤسسسات والإدارات
يشير ترشيشي إلى أنّ “انتظام الحياة العامة يُساعد بشكل كبير في مجال عملنا، لذلك نأمل أن تعود المؤسسات والإدارات العامة إلى العمل بشكل منتظم ويُداوم الموظفون في إداراتهم وإزالة كل العقبات أمام تصدير منتجاتنا الزراعية، وإعادة تفعيل مؤسسة “إيدال” ضمن الأطر التي تفيد القطاع الزراعي والمزارع، وتنشيط القروض الزراعية للتعويض عن الخسائر التي يتكبدها المزارع. هناك متطلبّات كثيرة من الحكومة الجديدة، لأننا نعتبر أنّ الحكومة السابقة لم تقم بأيّ خطوات في مجال الزراعة، بل بالعكس وقفت ضد المزارع”.
ختاماً، لا تقتصر تداعيات احتباس الأمطار على القطاع الزراعي بل تنسحب على كل القطاعات وشؤون الحياة في البلد، وبالتالي فإن النتائج عن هذا “الوضع المناخي الشاذ” باتت تُشكّل تهديداً حقيقيّاً للبنان الأخضر.