فيما القلق ينتاب اللبنانيين، المغتربين والمقيمين، تمرّ الحركة السياحية بأصعب لحظاتها، وتحديداً عقب العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت الثلثاء الفائت… فكانت الضربة القاتلة لموسم السياحة والاصطياف الذي يعوّل عليه أركان القطاع السياحي ولا سيما والفنادق والمطاعم والمقاهي والملاهي وتحديداً في شهرَيّ تموز وآب من كل عام…
ما أشبه اليوم بالأمس! في تموز 2006 أصبحت المطاعم والمقاهي كمدينة أشباح وها هي اليوم تستعيد هذه المشهدية بفعل الإقبال الكثيف للمغتربين والسياح على مغادرة لبنان، قاطعين إجازتهم الصيفية مستعجلين العودة خوفاً من اندلاع حرب شاملة ساخنة بين ليلةٍ وضحاها.
“أكلنا الكفّ” يقول نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي خالد نزها لـ”المركزية”، كاشفاً أن “حركة المطاعم شبه معدومة كانعكاسٍ مباشر على التحوّل الكبير الذي طرأ عقب التطوّرات الأمنية الأخيرة الخطيرة في الضاحية الجنوبية، حيث غادر عقبها عدد كبير من اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج كما السياح العرب والأجانب بعد التحذيرات المتتالية التي أطلقتها سفارات بلادهم في لبنان، كما ألغت شركات طيران عديدة رحلاتها إلى لبنان وأخرى عمدت إلى جدولة برامج رحلاتها تجنّباً لمخاطر محتمَلة…”.
وعلى رغم الإقرار بالتهافت الكبير على شراء “تذاكر العودة”، لا توجد حتى اللحظة الإحصاءات الواضحة لعدد المغادرين، ولا حتى أي أرقام تؤشر إلى مدى الخسائر التي لحقت بالقطاع السياحي بما فيه المطاعم والمقاهي والملاهي”، معقّباً على التذكير بأن اللبناننين المقيمين خسروا أموالهم في المصارف وبالتالي لا قدرة مادية لديهم على ريادة المطاعم كما يجب.
ونفى نزها الكلام عن أن المطاعم ممتلئة بالروّاد، موضحاً أن عدداً قليلاً من المطاعم في العاصمة بيروت يحقق نسبة مقبولة من الروّاد، لكن ذلك لا يعني أن القطاع المطعمي بألف خير، إذ إن غالبية المطاعم في المدن والأطراف والقرى وغيرها، شبه فارغة.
عام 2023 كان رائعاً جداً وقد بنينا عليه مشاريعنا المستقبلية وتم افتتاح عدد كبير من المطاعم الجديدة ووظفنا يداً عاملة لبنانية بأعداد كبيرة واستقدمنا بعضها من بلاد الاغتراب، لكن للأسف سرعان ما عدنا أدراجنا بعد حرب غزّة في تشرين 2023 التي ألحقت بالقطاع المَطعمي خسائر جمّة فتراجعت حركة المطاعم نحو 30% و40% عن العام الفائت، علماً أن قطاع المطاعم حلّ مكان الدولة عقب انفجار 4 آب فنهض بالمطاعم والمقاهي المدمَّرة في منطقة مار مخايل والجميزة ومونو… وأصبحت شوارعها سياحية بامتياز حتى لامست حركة المطاعم نسبة الـ80%. لكن اليوم للأسف عدنا و”أكلنا الكف” من جديد.
ويختم نزها: المطاعم هي أكبر مستثمر في الاقتصاد اللبناني يشغّل اليد العاملة اللبنانية، والقطاع الأكبر الذي يستهلك الإنتاج الوطني من الصناعات الغذائية والخضار والفاكهة والمونة والنبيذ والعرق وحتى المنقوشة…إلخ، كما أنها مصدِّر العلامات التجارية اللبنانية إلى العالم بما يساعد على تشغيل اللبنانيين في الخارج وإدخال التحويلات إلى لبنان، مع الإشارة إلى أن مأكولاتها متعددة ومختلفة تعود إلى بلدان عديدة كالمأكولات الفرنسية والإيطالية وغيرها. لكن الخوف والقلق يحكمان اليوم قبضتهما على مفاصل القطاع المطعمي ورقاب العاملين فيه… حتى الخناق!