طالما يستمر وضع “عربة” زيادة الضرائب قبل “حصان” تحرير سعر الصرف، طالما سيبقى الاقتصاد مشلولاً. فمع تراجع إيرادات الدولة بأكثر من 50 في المئة، يتكثف بحث الادارة الضريبية عن مختلف العمليات والعقود الحاصلة بالعملة الأجنبية لتغيير سعر الصرف الذي تحتسب على أساسه الضرائب. فأصدرت المالية مطلع العام القرار 893 الذي ينص على احتساب الضريبة على القيمة المضافة على أساس سعر صرف السوق وليس على أساس السعر الرسمي الذي ما زال محدداً بـ 1507.5. وألحقت هذا الإجراء قبل نحو شهر بقرار احتساب ضريبة الدخل على الرواتب بالعملة الأجنبية بحسب سعر صرف السوق أيضاً، ويجري حالياً التحضير لرفع الدولار الجمركي.
هذه التدابير المخالفة بحسب خبراء المحاسبة لمعايير وأصول المحاسبة الدولية والمحلية، لن تؤدي إلى رفع الكلفة على المستهلك النهائي بأضعاف مضاعفة والمساهمة بالمزيد من تدهور قدرته الشرائية فحسب، إنما قد تعرّض لبنان إلى عدم تلقي المساعدات الدولية واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وبحسب الخبراء فان تحرير سعر الصرف أو تخفيض قيمته بما يتناسب مع ظروف الانهيار، يُعدّل تلقائياً قيمة الضرائب والرسوم المجباة. إلا أن الدائرة المغلقة التي أوقعت السلطة نفسها بها، نتيجة التأخر في المباشرة بالاصلاحات عظّمت العواقب لأي إجراء، فأصبح من الأسهل عليها التهرب من تحمل المسؤولية واللجوء إلى الإجراءات الترقيعية التي تهلك الاقتصاد، تخنق المستهلكين ولا تقدم فائدة لمالية الدولة، خصوصاً أن زيادة الضرائب من دون إصلاح اقتصادي وتفعيل المراقبة والملاحقة ومكافحة الاقتصاد الأسود، ستؤدي إلى المزيد من المخالفات والتهرب الضريبي.