ما تكاد تنتهي ورشة الموازنة، حتى تُفتح ملفات أخرى، ظلت مغلقة لسنوات. أول هذه الملفات، بحسب مصادر مطّلعة، سيكون ملف المعاينة الميكانيكية. منذ عام 2013، والمعاينة تتم إما عبر قرارات وزارية بالتمديد لشركة «فال» لتسيير منشآت المعاينة، أو حتى من دون قرارات، في إطار استمرارية المرفق العام. أما على الجهة القضائية، فلم يبت بعد طلب إعادة المحاكمة الذي قدمته هيئة إدارة السير، بعد قرار مجلس الشورى إبطال نتيجة المناقصة.
على المقلب الآخر، بدأت مراكز المعاينة تشهد اكتظاظاً شديداً، بالرغم من الإجراءات التي قامت بها الشركة التي تدير مراكز المعاينة للتخفيف الازدحام، ولا سيما دمج خطوط المعاينة والدفع معاً. أما هيئة إدارة السير، فتعجز عن القيام بأي خطوات يمكن أن تسهم في التخفيف من الازدحام، بسبب غياب أي سلطة رقابة لها على المعاينة. علاقتها بشركة «فال» تقتصر، حالياً، على تلقّي الأموال (حصة الدولة) من المعاينة. وهي للمناسبة، خلافاً لما يتردد، تُدفع بشكل منتظم. وبحسب الكشوفات، فإن آخر دفعة حوّلت إلى الهيئة كانت عن شهر آذار الماضي. وقد حوّلت إلى حسابها في بنك لبنان والمهجر بتاريخ 23 نيسان، وقيمتها 851 مليون ليرة، ناتجة عن معاينة نحو 120 ألف آلية، بمعدل 7500 ليرة عن كل آلية.
وبالرغم من الازدحام، فإن وزارة الداخلية لن تكون قادرة على تكرار ما فعله الوزير نهاد المشنوق، بإعفائه السيارات التي خضعت للمعاينة في العام 2017 من موجب المعاينة للعام 2018 (بعد صدور قرار من مجلس الشورى يؤكد أن هذا الإجراء مخالف للقانون). وهذا يعني أن الوضع سيبقى على ما هو عليه إلى حين تقرر الحكومة وجهتها، علماً بأن وزيرة الداخلية، ريا الحسن، كانت تدرس إمكان استرداد القطاع، وإدارته من الهيئة بشكل مباشر (بعد توسيع ملاكها)، إلى حين تبيان الوجهة الحكومية في التعامل مع القضية.
وفيما تتراوح الاحتمالات المستقبلية بين إجراء مناقصة مشابهة للمناقصة السابقة (بناء وتشغيل ثم تسليم إلى الدولة) وبين البناء لصالح الدولة، وصولاً إلى احتمال أن يُصار إلى إعطاء تراخيص عامة لكل من تتوافر لديه شروط محددة، فإن مصادر معنية تعتبر أن الأولوية هي لتحقيق ثلاثة أمور: الحرص على جودة المعاينة لضمان أهلية المركبات للسير، وتأمين خدمة سهلة للناس تنهي معاناتهم الحالية، وعدم زيادة سعر المعاينة.