من المتوقع ان يستقبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري ليجري معه حوارا تشاركيا حول السياسة النقدية والمصرفية التي يتبعها وحول الواقع المالي وكيفية الخروج من الازمة.
والسؤال المطروح: ماذا سيقول المنصوري عن مصير الودائع هل سيكون شفافا في حواره كما ظهر حتى الان ؟
في الوقت ذاته خرج وفد صندوق النقد الدولي في زيارته الاخيرة الى لبنان خائبا ليس فقط لان لبنان لم يباشر حتى الان تطبيق الاصلاحات التي وعد بتنفيذها عبر اقرارها في المجلس النيابي بل بسبب عدم قدرته على الاقناع بتذويب الودائع والتي تقف حجر عثرة في عملية النهوض الاقتصادي رغم ان ما يجري من هيركات عليها وتعاميم قلص هذه الودائع من ١٣٠ مليار دولار الى دولار اي حوالى ٤٠ مليار دولار ذهبت وتبخرت مع الهيركات وتأميم مصرف لبنان وخصوصا التعميمين ١٥١و١٥٨.
واذا كان صندوق النقد يأمل بهذه الطريقة في شطب كل الودائع فعليه القيام بعشرات الزيارات الى لبنان وانتظار الكثير من الوقت ربما سنوات لشطبها خصوصا ان هناك من يتابع كيفية استرداد هذه الودائع ويكبر شيئا فشيئا في هذا الموضوع مجندا نفسه في خدمة المودعين المظلومين الذين فقدوا جنى عمرهم .
وقد لفت صندوق النقد في بيانه الاخير إلى أنه “يجب دعم الخطوات مؤقتًا من خلال قانون القيود رأس المال والسحب، ويجب تكملتها بإجراءات سياسية من الحكومة والبرلمان للحد من التوازنين التوأمين ومعالجة مشكلات القطاع المالي من خلال الاعتراف بالخسائر وتقديم خطوات هيكلية للبنوك”.
لا تبدو اي ملامح رسمية او نيابية او سياسية لاسترداد الودائع خصوصا مع وجود الحاكم الجديد بالانابة لمصرف لبنان الذي لم يتحدث مطلقا بهذه الودائع رغم ممارسته الشفافية في عمله الجديد ولم يقل ماذا سيفعل بالفجوة المالية في مصرف لبنان كل ما كان يطلبه تطبيق الاصلاحات التي تؤدي برأيه الى استعادة بعض الودائع ومن هذه الاصلاحات الكابيتال كونترول واعادة هيكلة القطاع المصرفي واعادة الانتظام المالي وهي كلها قوانين ينكر رئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان وجودها باستثناء مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي لم يمر في الجلسة العامة للمجلس النيابي بسبب كثرة الاعتراضات عليه، حتى خطة التعافي التي تردد انها في ادراج المجلس النيابي لم تبصر النور و لم يعرف متى سيعمل بها وهل ستقر في المجلس النيابي خصوصا ان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وعد بتأمين الودائع دون المئة الف دولار اصبحت سرابا بعد ان امحت من تصاريحه .
وفي هذا الاطار تتساءل مصادر مالية خبيرة كيف يمكن استرداد الودائع اذا لم يتم التدقيق في اوضاع المصارف اللبنانية وتبيان وضعية كل مصرف عما اذا كان باستطاعة المصرف البقاء في السوق المصرفية او اعلان خروجه لعدم قدرته في متابعة مسيرته المصرفية وكلما تأخر درس هذه الوضعية زاد الوضع تأزما وخسرنا امكان استعادة الثقة بالقطاع المصرفي وبالتالي من الصعوبة ان يتم استرداد هذه الودائع ما دام لم يتم انشاء بعد الصندوق السيادي للمرافق العامة والذي يمكن ان تعود بعض الودائع من خلاله شرط تأمين الشفافية وحسن الادارة، حتى هذا الصندوق ما زال موضع اخذ ورد ولم يبت حتى الان .
وتضيف هذه المصادر ان عدم تجاوب السلطة مع المطالبة بتحديد الخسائر ومن يتحملها يعني انها لا ترغب في تحمل هذه المسؤولية وهذه الخسائر مع العلم ان الاموال صرفتها واهدرتها هي دون غيرها وبالتالي من المفروض ان تتحمل المسؤولية في هذا الاطار لا ان تعتبر هذا الموقف لا يعنيها. وهنا المشكلة الاساسية التي ما زال الجميع يدور في فلكها ويقف صندوق النقد عاجزا عن حلها .
على اي حال فان الوسيلة الوحيدة لاسترداد الودائع تبقى اليوم في محاولات اقتحام المصارف للحصول عليها ولو كانت بالقوة خصوصا عندما يتقين هؤلاء المودعون عدم الاهتمام من الحكومة بذلك وعدم اقدام المجلس النيابي على تشريع القوانين التي تعيد هذه الودائع وفي ظل السكوت الذي يمارسه حاكم مصرف لبنان بالانابة على تحديد مصير هذه الدوائع .