المنظمة العربية للزراعة تكشف عن مبادرة لاحتواء «معضلة الأمن الغذائي»

كشف إبراهيم أحمد الدخيري، مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المنظمات المختصة» في جامعة الدول العربية صادقت بمناسبة مؤتمرها السنوي الذي عقدته بتونس على مبادرة أعدتها منظمته الإقليمية لاحتواء «معضلات الأمن الغذائي» واستفحال الأزمات الزراعية والاجتماعية التي ازدادت خطورة بعد حربَي أوكرانيا والسودان.

وأقرّ مسؤول المنظمة الزراعية العربية باستفحال الصعوبات الغذائية بعد ارتفاع أسعار الحبوب والمنتجات الحيوانية والفلاحية؛ بسبب الحروب بالوكالة التي تشهدها دول عربية وأفريقية عدة ومناطق مختلفة في العالم، وتصعيد التوتر بين روسيا ودول الحلف الأطلسي من جهة، والحرب داخل السودان من جهة ثانية.

وأوضح الدخيري أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قرر دعم هذه المبادرة لدى مؤسسات التمويل العربية؛ تنفيذاً لمقررات القمة العربية، بهدف «الاستفادة من القدرات الزراعية الهائلة للسودان وبعض الدول العربية».

وأورد الدخيري أن السودان وحده قادر على توفير «أغلب حاجيات الدول العربية والأفريقية من الغذاءين الحيواني والنباتي؛ في حال ضمان حد أدنى من الاستقرار، ووقف الحروب وحركات التمرد وأعمال العنف التي تنهكه منذ عقود، والتي استفحلت بشكل خطر منذ تمرد أبريل (نيسان) الماضي».

في المقابل، نفى الدخيري أن تكون الحرب المدمرة التي يشهدها السودان حالياً أثرت مباشرة في الإنتاج الزراعي والغذائي فيه. وفسّر ذلك بكون الحرب والصراعات المسلحة تشمل، خصوصاً العاصمة الخرطوم وجزئياً دارفور، وليس المحافظات والمناطق الزراعية.

لكنه حذر من مخاطر تمديد الحرب المدمرة وحركة التمرد الحالية في السودان، وانعكاسها سلباً على موسم الحصاد، وعلى حركة نقل المنتجات الحيوانية والزراعية إلى الدول الثماني التي تجاوره، وبينها مصر وليبيا وإثيوبيا وتشاد وكينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية.

وسجّل أن مبادرة المنظمة العربية للتنمية الزراعية تهدف إلى تفعيل تحرك العواصم العربية والأفريقية والعالمية لتأمين الإنتاج الزراعي، ونقل الأغذية داخل السودان لعشرات الملايين من مواطنيه ولكل الدول العربية والأفريقية «التي تزايدت صعوباتها ومشكلات تأمين حاجياتها من الحبوب والأغذية الحيوانية والنباتية بسبب حرب أوكرانيا، والارتفاع الحراري، والتلوث، وزحف التصحر».

دول جوار السودان

وتعقيباً على سؤال حول علاقة هذه المبادرة بنتائج القمة العربية وباجتماع قيادات «دول جوار السودان» أخيراً في القاهرة، والإعلان عن «بوادر تسوية النزاعات القديمة حول مياه النيل وسد النهضة»، أورد مدير عام المنظمة العربية للزراعة أن ذلك الاجتماع دعّم المبادرة. كما أعلن أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط شخصياً خلاله توفير ما لا يقل عن مليار دولار لدعمها ولتأمين «الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي في السودان بوصفه من أبرز الدول العربية والأفريقية التي لديها قدرات زراعية هائلة، لو يتحقق فيها الأمن والسلام والاستقرار».

وتوقّع مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تتطور علاقات دول جوار السودان المعنية بملف النزاع حول مياه النيل إيجاباً بعد اجتماع قادتها أخيراً في القاهرة وإعلان «فتح صفحة جديدة» بينها. ونوه بـ«الصبغة الاستراتيجية» لملف مياه النيل بالنسبة لقطاعات الزراعة والغذاء والعيش الكريم في السودان ومصر وإثيوبيا ودول الجوار.

وعدّ أن مبادرة منظمته تكتسي أهمية خاصة في هذه المرحلة التي تراكمت فيها مخاطر «ندرة الغذاء»؛ بسبب الحرب في السودان وأوكرانيا، واستفحال «عجز الميزان التجاري الغذائي» في الدول العربية والأفريقية، التي تعتمد منذ عقود على صادرات السودان من الإبل والأغنام والماعز، ومن الحبوب والغلال والفواكه، أو على وارداتها الغذائية من أوكرانيا وروسيا وأوروبا.

زراعة 50 مليار شجرة

من جهة أخرى، أعلن مسؤول المنظمة العربية للتنمية الزراعية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة منظمته الإقليمية لفائدة تنمية المنتج الزراعي والغذائي إقليمياً ودولياً تشمل مكافحة زحف التصحر على المناطق الزراعية القديمة، بما في ذلك عبر دعم مبادرة ولي العهد السعودي بزراعة 50 مليار شجرة جديدة في الدول العربية، بينها 10 مليارات شجرة داخل المملكة العربية السعودية، ضمن مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر».

وأكد الدخيري أنه بحث مع ممثلي المنظمات العربية المختصة في مؤتمرها السنوي الذي عُقد بين 17 و20 يوليو (تموز) الحالي في تونس سبل تجنيد قدراتها، ومؤسسات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية «لإنقاذ مواسم الحصاد وتنمية القدرات الزراعية في السودان وكل الدول العربية المعنية بكسب رهان تحقيق الأمن الغذائي».

وكشف الدخيري أن منظمته تلقى «دعماً قوياً من كل الدول العربية، ومن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية؛ كي تسهم في تحقيق هذا الهدف، وتفعيل مبادرتها الجديدة الشاملة عبر مقراتها المركزية والجهوية في الخرطوم ومصر والجزائر والرباط وتونس ودمشق»، بدعم من مؤسسات العمل العربي المشترك وكل المنظمات الزراعية والتنمية والغذاء الإقليمية والأممية، وبينها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

مصدرالشرق الأوسط - كمال بن يونس
المادة السابقةبوتين يطلق مشروعاً عملاقاً للغاز المسال في القطب الشمالي
المقالة القادمةالموتى يدفعون ضريبة مسبقة.. والأحياء رسوماً أعلى بـ30 ضعفاً