غادر رئيس الجمهورية ميشال عون قصر بعبدا وانتهت مهامه كرئيسٍ أمس، الّا أنّه أبقى موازنة 2022 من دون توقيع، فما سيكون مصيرها وكل البنود التي تضمنتها، في الوقت الذي استكمل فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس البحث في إعداد موازنة العام 2023.
تغييرات مالية عدة كان من المتوقع ان يحملها معه شهر تشرين الثاني، الّا انّ شيئاً لم يدخل منها حيز التنفيذ، حتى الساعة على الاقل. فقد سبق لوزير المالية يوسف الخليل ان اعلن في تصريح لـ»رويترز» في 28 ايلول الماضي، انّ «مصرف لبنان» سيستخدم سعر صرف قدره 15 ألف ليرة مقابل الدولار كخطوة اولى نحو توحيد سعر الصرف، على ان يبدأ تطبيق القرار اعتباراً من الاول من تشرين الثاني المقبل، الّا انّ قراراً بهذا الخصوص لم يصدر، حتى انّه صدر نفي من وزارة المال منذ نحو الاسبوعين لبيان يفيد بأنّ التطبيق سيدخل حيز التفيذ في الاول من تشرين الثاني أي اليوم.
كذلك الامر بالنسبة الى الدولار الجمركي، فلا بيان حتى الساعة يعلن اعتماده رسمياً، ما يعني انّ التسعير على المرفأ سيبقى في الساعات المقبلة وفق تسعيرة الـ1500 ليرة.
من المعلوم انّ قانون الموازنة يصبح نافذاً بقانون بعد مضي شهر على تبلّغ رئيس الجمهورية به، وانتهاء المهلة المعطاة له للتوقيع. وعليه، بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، ما على المواطن سوى ترقّب متى تصبح الموازنة نافذة مع ما تحمله من رسوم وضرائب جديدة، وماذا عن مصير سعر الصرف والدولار الجمركي، متى يصبحان نافذين؟
في السياق، أوضح النائب آلان عون، انّ سعر الصرف والدولار الجمركي لم يتمّ اقرارهما في الموازنة، انما وزارة المالية افادت انّ الايرادات المتوقعة أتت على أساس دولار جمركي وسعر صرف بـ15 الفاً. وبالتالي، انّ قرار تحويل الدولار الجمركي إلى 15 الفاً هو من صلاحيات وزير المالية، وكان يمكن له ان يصدره بقرار حتى قبل الموازنة او خلال دراسة الموازنة. انما إدخالها بهذه الطريقة في الموازنة وربطها بها، هي فقط ليؤمّن وزير المال لنفسه التغطية السياسية التي تفيد بأنّ مجلس النواب أقرّ الموازنة، مع علمه انّ سعر الصرف والدولار الجمركي سيتغيّران. وبرأي عون، انّ وزير المالية ينتظر صدور الموازنة ليطبّق القرار، وقال: «شكلياً هو يربط سعر الصرف والدولار الجمركي بالموازنة، انما فعلياً وقانوناً لا شأن لهما ببعض، بحيث يمكنه اصدارهما ساعة يشاء».
أضاف: «حتى قرار رفع سعر الصرف هو شأن يتعلق بوزارة المالية والمصرف المركزي. وفي جميع الاحوال، يمكن إصداره بالأمس او غداً، فلا دخل لمجلس النواب به».
وقال: «يُسأل وزير المال اليوم لماذا لم يُصدر هذين القرارين بعد، علماً انّ مجلس النواب اقرّهما، ومن غير المستبعد ان يصدرهما اليوم، لأنّه ما عاد لدينا رئيس للجمهورية التي هي الجهة الوحيدة المخولة بردّ الموازنة».
ورداً على سؤال، أوضح عون، انّه «متى دخلت الموازنة حيز التنفيذ فإنّ كل النصوص التي تضمّنتها تصبح نافذة وعلى رأسها زيادة رواتب موظفي القطاع العام ورفع الرسوم الذي اقرّ يصبح نافذاً ايضاً».
وعمّا إذا يمكن لمجلس النواب الذي تحوّل الى هيئة ناخبة ان يشرّع ويقرّ قوانين، خصوصاً انّ رئيس الحكومة استكمل امس درس مشروع موازنة 2023، فهل يمكن لها ان تبصر النور في المواعيد الدستورية؟ اوضح عون انّه في الاعوام 2014 و 2016 استمر مجلس النواب بالتشريع ضمن خانة «تشريع الضرورة». يومها مرّ لبنان بشغور رئاسي، انما لم نكن أمام اشكالية حكومة مستقيلة او حكومة تصريف اعمال، على عكس ما هو حاصل اليوم. وعليه، إذا وصلت الموازنة إلى المجلس النيابي يمكن تشريعها. لكن السؤال كيف ستخرج الموازنة من حكومة غير معترف بها وتتحول الى المجلس النيابي؟
الحاج: تخبّط
في السياق نفسه، أوضح النائب رازي الحاج، انّ لا سعر الصرف ولا الدولار الجمركي يدخلان ضمن الموازنة، انما احتسبت ارقام الموازنة على أساس انّ هناك ايرادات ستتأتى من الدولارالجمركي إذا احتُسب على 15 الفاً، ما يخوّلنا رفع رواتب القطاع العام ضعفين ونصف. لذا يجب ان يتزامن تطبيق الدولار الجمركي مع بدء تنفيذ بنود الموازنة حتى تتأمّن الايرادات المرجوة.
وقال: «يتوجب اليوم على وزير المالية ان يصدر قراراً يحدّد على اساسه كيفية احتساب الدولار الجمركي. لا نعلم حتى الساعة الأسباب التي حالت دون إصدار وزير المالية هذا القرار، انما الأكيد انّه بعد مرور شهر من امتناع رئيس الجمهورية عن توقيع الموازنة تصبح هناك مترتبات مالية على الدولة من دون تأمين الايرادات إذا لم يبدأ العمل بالدولار الجمركي، بمعنى انّ رفع الرواتب لموظفي القطاع العام يدخل حيز التنفيذ من دون ان تكون الدولة قد أمّنت ايرادات لتغطية هذه النفقات. غير مستبعد ان يتزامن بدء العمل بالدولار الجمركي فور ان تصبح الموازنة نافذة اي خلال فترة وجيزة».
أضاف الحاج: «أما بالنسبة إلى سعر الصرف فهو قرار منفصل ايضاً عن الموازنة، الّا انّه لم يصدر اي قرار بشأنه بعد، علماً انّه كان متوقعاً ان يدخل حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم، وهذا دليل على انّ الإدارة السياسية في البلاد لا تزال تتخبّط بخطة التعافي التي نطالب بها منذ زمن، مشدّداً على انّه لا يمكن ان يكون هناك اصلاح من خلال الارتجال».