النفط يرتفع وأنماط الشحن تضطرب

إرتفعت أسعار النفط مع موجة جديدة من الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن، ما أدّى إلى استمرار التوترات في الشرق الأوسط، وأثار احتمال حدوث اضطرابات طويلة الأمد في أنماط الشحن العالمية.

تجاوز خام برنت القياسي العالمي 78 دولاراً للبرميل بعد أن أغلق منخفضاً الأربعاء الماضي، في حين اقترب خام غرب تكساس الوسيط من 73 دولاراً.

وأدّت الأزمة في اليمن إلى قطع عمليات العبور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، ما أدّى إلى إعاقة التدفّقات التجارية، حيث تتجنّب السفن المنطقة وتسلك طرقاً بديلة أطول.

وقال جاو جيان، المحلل في شركة «كيشينغ» للعقود الآجلة ومقرّها شاندونغ، إنه إذا امتدّ الوضع الحالي في البحر الأحمر، فقد تكون هناك قفزة قصيرة المدى في الأسعار، وذلك على الرغم من أن النفط مقيّد بأساسيات ضعيفة منذ أواخر العام الماضي.

وتوقّع الرئيسان التنفيذيان لشركتي شحن رائدتين أن تعطّل تهديدات البحر الأحمر الشحن لأسابيع أو أشهر إضافية، ما يطيل فترات التأخير ويرفع تكاليف النقل على الشركات المعتمدة على تدفّق البضائع على طول الممرّات التجارية التي تربط أكبر الاقتصادات في العالم.

وقالت وكالة بلومبيرغ إن حركة مرور السفن التجارية عبر قناة السويس قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أن أغلقت سفينة «إيفر غيفن» الممرّ المائي قبل 3 سنوات تقريباً. وأشارت الوكالة إلى أن هذا الانخفاض يعبّر عن التأثير الكبير للتوتر القائم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما تسبّب في تحوّل التجارة العالمية إلى طريق أطول وأكثر تكلفة عبر رأس الرجاء الصالح جنوب قارة أفريقيا.

ونقلت الوكالة بيانات كشفت عنها منصة يديرها صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد أن المتوسط المتحرّك لمدة 7 أيام لعبور السويس اليومي لسفن البضائع وناقلات الحاويات والناقلات النفطية قد تضاءل إلى 49 اعتباراً من يوم الأحد الماضي.

ويمثل هذا انخفاضاً حاداً عن الذروة اليومية التي بلغت 83 حالة عبور في أواخر حزيران 2023، وهو أقل حتى من متوسط 7 أيام مقارنة بالعام السابق، والذي بلغ 70 حالة عبور يومي.

وقد أدّى تصاعد هجمات جماعة الحوثيين اليمنية على السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل في منطقة البحر الأحمر والردود العسكرية الأميركية والبريطانية عليها إلى تفاقم التحديات التي تواجه صناعة الشحن.

وتسلّط البيانات -التي نقلت بلومبيرغ عنها- الضوء أيضاً على زيادة مقابلة في عدد السفن التي تختار المرور عبر رأس الرجاء الصالح.

وتقول بلومبيرغ إن هذا الانخفاض التاريخي في حركة المرور في قناة السويس يثير مخاوف بشأن مرونة سلاسل التوريد العالمية وضعف الطرق البحرية الرئيسية. مضيفة أن إعادة توجيه السفن إلى مسارات أطول لا تؤدي إلى تكاليف أعلى فحسب، بل تضيف أيضاً تعقيداً إلى التخطيط اللوجيستي للشركات في جميع أنحاء العالم. وتعدّ قناة السويس مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية التي تعاني مصر نقصاً فيها، وتسعى السلطات جاهدة منذ سنوات لتعزيز إيراداتها بما في ذلك من خلال توسيع القناة في عام 2015. ويجري حالياً تنفيذ المزيد من عمليات التوسيع.

صرّح فنسنت كليرك، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي مولر–ميرسك»، خلال إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في «دافوس» : «بالنسبة إلينا، سيعني هذا فترات عبور أطول، وربما تعطيل سلاسل التوريد لبضعة أشهر على الأقل». على الرغم من أن كليرك أعرب عن أمله في أن تنتهي الاضطرابات في وقت أقرب من ذلك، إلا أنه قال: «ربما تستمرّ لفترة أطول لأنه لا يمكن التنبؤ بكيفية تطوّر هذا الوضع». ووصف الوضع في البحر الأحمر بأنه «مزعج للغاية».

إلى ذلك، قال توبياس ماير، الرئيس التنفيذي لمجموعة «دي إتش إل» (DHL)، في حديثه أيضاً في دافوس، إن إعادة توجيه السفن حول جنوب أفريقيا، بدلاً من اختصار المسار عبر قناة السويس تؤدي إلى اختلالات في سعة الحاويات. وأضاف أنه نتيجة لذلك، قد يظهر نقص في السعة خلال أسبوعين تقريباً، ما سيؤثر على آسيا على وجه الخصوص.

أضاف ماير: «عودة تدفّق السعات المتاحة لا تحدث حالياً بالوتيرة المخطط لها في بادئ الأمر، لذا فهذا أمر جدير بالمتابعة».

وفي إطار تدابيرها لمواجهة الرحلات الطويلة، سارعت شركات الشحن إلى رفع الأسعار الفورية للحاويات بين آسيا وأوروبا في الأسابيع الأخيرة، ما ضاعف التكاليف لأصحاب البضائع بمقدار ثلاث مرات، وهو ما يؤثر أيضاً على المستوردين في الولايات المتحدة. ووفق لي كلاسكو من «بلومبيرغ أنتليجنس»، ارتفعت أسعار الشحن عبر المحيط الهادئ بنسبة 58% لتصل إلى 4375 دولاراً للحاوية بحجم 40 قدماً في الأسبوع المنتهي الأربعاء الماضي، وفقاً لمؤشر «دروري هونغ كونغ-لوس أنجلس» .

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةمبنى “تاتش” في الباشورة… “يُطلّ” من قطر
المقالة القادمةموديز: لبنان بين الدول المتضرّرة من الحرب