أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأييده الجهود والحلول المنطقية لمعالجة الازمة الاقتصادية الراهنة، معرباً عن أمله في ان ينقل انجاز ترسيم الحدود البحرية الجنوبية واستخراج الغاز من المياه الإقليمية للبلاد الى مرحلة من الامل الواعد بالمستقبل. وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة بذل كل جهد لتشكيل حكومة جديدة او تدعيم الحكومة القائمة بستة وزراء دولة جدد من السياسيين، «الامر الذي طرحه رئيس مجلس الوزراء المكلف في البداية، ثم تبدل الموقف».
وشدّد عون على ضرورة ان يكون النظام منتجاً ولا يسمح بالاهمال وعدم الكفاءة لمعالجة الخلل القائم على المستويات كافة.
وعن رد قانون تعديلات السرية المصرفية، اوضح انه رد القانون ووضع عليه الملاحظات التي وجد انه من المناسب اضافتها.
وحول عدم اخذ موازنة 2022 بعين الاعتبار لفت الى أن أي خطة تنموية اقتصادية ضرورية لإعطاء القطاعات المختلفة التحفيزات الضرورية لحماية الاقتصاد، وأعاد الرئيس عون التذكير بمحاولات التضليل التي مارسها البعض لعدم الكشف عن واقع الليرة الحقيقي، والتهرب من التدقيق المالي الجنائي، مؤكداً «اننا في مطالبتنا بهذا التدقيق لم نكن نريد الا البحث عن الحقيقة».
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله أمس في قصر بعبدا، وفد الهيئات الاقتصادية اللبنانية برئاسة الوزير السابق محمد شقير الذي سلمه خطة التعافي المالي والاقتصادي التي وضعتها الهيئات والتي تتضمن سبل إعادة أموال المودعين على مراحل، وذلك لاعادة البلاد الى طريق النهوض من جديد.
وضم الوفد الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس، توفيق دبوسي رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، نبيل فهد نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، غابي تامر نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، منير التيني نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في زحلة والبقاع وبيار الأشقر رئيس اتحاد النقابات السياحية.
وأبدى شقير الاستعداد لمناقشة الخطة الإقتصادية التي أعدّتها الهيئات الإقتصادية مع فريق اقتصادي يختاره رئيس الجمهورية، وقال: «لسنا اول بلد يتعثر لكننا البلد الأول والوحيد الذي لم يشهد محاولة معالجة التعثر، في ظل الخلافات السياسية القائمة التي اثرت بشكل كبير على مختلف النواحي الاقتصادية بالإضافة الى المؤسسات الوطنية والاستثمارات فيه».
ثم شرح عضو الوفد رئيس المجلس الوطني للاقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران جوانب الخطة، وقال إنها تأخذ في الاعتبار المسؤوليات المختلفة ومحاولات الحصول على مساهمة عادلة من مختلف الجهات المعنية، مع الإشارة الى انه بموجب الخطة ستخرج الدولة من عملية الهيكلة بنسبة الدين الى الناتج الإجمالي بنحو 50%، مما سيسمح لها بالعودة في المستقبل الى أسواق التمويل الدولية المتعددة الأطراف لتحفيز اقتصادها، وتعتمد المساهمة المتوقعة من الدولة في اطارها بشكل كبير على نجاح شركات إدارة الأصول وعلى سندات ليس لها تاريخ استحقاق فلا تثقل كاهلها.
وبموجب الخطة «لا يحق للمواطنين حيازة اسهم في شركات الدولة لوجوب عدم حيازتهم حق ملكيتها»، كاشفاً ان هذه النقطة لا تزال موضع نقاش بين المعنيين لا سيما في ظل رفض صندوق النقد الدولي استعمال أملاك الدولة لاعادة الأموال للمودعين. اما بالنسبة للمصارف فانه بعد إعادة رسملتها يمكن تحويل جزء من الودائع لاسهم او حيازة المودع الكبير سندات فيها.
أهداف الخطة ومحاورها
بعد ذلك، تحدث شماس فقال: «إن الهيئات الاقتصادية راغبة في المشاركة في التعافي الاقتصادي الوطني، فتراكم إنجازاتها واقتراحاتها مع خطة الحكومة السابقة. وضعنا لهذه الغاية نصب اعيننا هدفين: حماية أموال المودعين، واطلاق النمو الاقتصادي في البلد. وارتكزنا على عدد من المبادئ، من بينها: احترام الملكية الخاصة وتراتب المسؤوليات، لأن هناك اكثر من فريق مسؤول في البلد. وقد انطلقنا من رقم الودائع الدولارية الموجودة حالياً في المصارف، واذا ما حسمنا منها مبلغ التسليفات الى القطاع الخاص، يبقى حجمها مجتمعّة بحدود 84 مليار دولار، هو ما يجب إيجاد حل له».
أضاف: «إن الحل الذي طرحته الهيئات الإدارية ينقسم الى 5 أجزاء: الجزء الأول حوالى 12 مليار دولار هي الفوائض على الفوائد التي تم دفعها بين سنة 2015 و2020 نتيجة الهندسات المالية والتي يجب ان يتم اقفالها على سعر 1500 للدولار. والجزء الثاني هو حوالى 16 مليار دولار، هي أموال تم تحويلها بعد 17 تشرين الأول 2019 من الليرة اللبنانية الى الدولار على سعر 1500 ولا يجوز ان تعود فريش دولار، لأننا نكون بذلك نأكل من ودائع المودعين الأصليين. هذه الأموال ستعود في نهاية السنة السابعة على سعر صرف 8000 ليرة لبنانية للدولار».
وتابع: «أما التدبير الثالث، فهو على غرار التعميم 158 وحجمه 19 مليار دولار، فسيتم بموجبه الرد الى أصحاب الودائع من قيمة 100 الف دولار وما دون، ثلاثة ارباع أموالهم بالدولار والربع بالليرة اللبنانية على أساس سعر السوق. وستتحمل المصارف هذا التدبير، بنحو الثلث، ومصرف لبنان بالثلثين. ويبقى التدبير الرابع، فيقع حصراً على عاتق المصارف، وكلفته نحو 7 مليارات دولار، هناك 4 مليارات منها فريش ستتم اعادتها على امتداد 5 سنوات، و3 مليارات دولار ستعاد الى المودعين على شكل سندات يصدرها المصرف او أسهم فيه.
مساهمة الدولة في إعادة الأموال
والجزء الخامس، وهو الأبرز في الخطة، هو مساهمة الدولة في إعادة جزء من الأموال الى المودعين، وحجم هذا الجزء 30 مليار دولار، ستنشئ الدولة شركة قابضة: «هولدنغ»، وتحفظ فيها ملكية نحو 15 مؤسسة عامة في مختلف القطاعات من الكهرباء الى الماء والاتصالات، وصولاً الى شركات سيادية يتم انشاؤها في ما بعد. فأموال الدولة ستبقى لها، ولكن إدارة هذه الشركات ستكون لدى القطاع الخاص. وعندما تنتج هذه الشركات مردوداً اعلى من المستويات العالمية، فإن هذه الأموال تذهب لتغذية صندوق دفع أموال المودعين. وكل مودع لديه سند، لا يكون سند دين إنّما يخوله على فترة 10 الى 12 سنة ان يستعيد أمواله بالكامل. والميزة الاساسية لهذا التدبير انه ليس ديناً إضافياً على الدولة، ولا يشكل أعباء إضافية. ونقطة التفاوض الكبيرة مع صندوق النقد ستكون حول هذه الموضوع. وإذا ما سارت هذه الأمور على ما يرام، والظروف السياسية والاقتصادية كانت مؤاتية، يمكن للمودع اللبناني ان يستعيد 74% من أمواله».